|


طلال الحمود
فول "لاس فيغاس"
2018-05-20

أثارت حلقات المسلسل الدرامي "العاصوف"، الجدل بشأن صورة المجتمع السعودي في السبعينيات، وهامش الحرية المتاح للناس في تلك الفترة المفصلية من تاريخ بلاد كانت شبه مغلقة أمام العالم، لأسباب سياسية ودينية واجتماعية فرضتها حداثة العهد بثقافة المجتمع المدني.



الانتقادات انهالت على "العاصوف" في وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب الطفل اللقيط وعلاقة الجارة اللعوب بجارها، فضلاً عن إمام المسجد "الشامي" بأجندته السياسية، ويستمر النقد ليصل مرحلة الاستياء من تردد أغاني سعد إبراهيم وطلال مداح، في البيوت والشوارع على الطريقة المصرية، ولأن "كل على همه سرى"، هناك من انتقد استخدام شعار "بيبسي" الذي اعتمد عام 1973، بينما المكان الرياض والزمان 1970، أيضًا تعجب أحد المخضرمين من ظهور "جرة" الفول في أحد المشاهد، مؤكدًا أن العاصمة كانت تعتمد على الفول "المدمس" دون وجود لأي "جرة" في شوارعها!.



هذه "اللجّة" بالطبع جذبت الفضوليين من "بعوض" الجزيرة المعزولة، حتى بلغ الأمر عقد مقارنات غريبة بين الرياض ولاس فيغاس، لمجرد ظهور سيارات وأجهزة راديو مشروبات غازية في مشاهد المسلسل، ولو استمر الجدل لعقدوا مقارنات بين ابن الرياض بشير حمد شنّان، ونظيره أبن "لاس فيغاس" ألفيس برسلي في طريقة غناء الكلمات ذات السقف المفتوح!.



"العاصوف" قصة من عشرات القصص العربية التي تناولت تأثير صراع التيارات على الحياة في الستينيات والسبعينيات، ومنها ما حدث في السعودية تحديدًا، إذ كان سلطان العادات والتقاليد، يحكم الثقافة المحلية ويحدد سلوك أفرادها، بل يحدد نظرة المجتمع نحو النموذج الديني بالرفض أو القبول، كان هذا السلطان قويًّا بدرجة تكفي لإقصاء من يعارضه دينيًّا أو اجتماعيًّا أو فكريًّا، وفي السبعينيات بدأت حرب شعواء ضد العادات والتقاليد، كان نتيجتها إقصاء النموذج الليبرالي من المجتمع، وانقياد الصوت الشعبي وراء التيارات الدينية بحثًا عن حليف يحمي العادات والتقاليد، رغم أن بعض العادات تناقض تعاليم الإسلام صراحة..



يدرك المشاهد أن الدراما السعودية لم تبلغ حتى الآن مرحلة النضج في معالجة المشاهد الجريئة، وهذا من شأنه إثارة الانتقادات بسبب مشاهد جانبية أقرب إلى التجارب؛ ما يجعل نجاح "العاصوف" في الحلقات المقبلة رهن تحويل الجدل نحو الفكرة الأساسية.