|


طلال الحمود
الخصوصية السعودية
2018-05-13

عاش المجتمع السعودي سنوات طويلة تحت قمع بعض العبارات التي قادته أحيانًا إلى الاكتفاء بمشاهدة الفساد والفاسدين، دون أن يجرؤ على التصدي للعبث وإيقاف تجاوزاته.. 



كانت عبارة "لنا خصوصيتنا" من أهم الكلمات التي تسببت في كوارث حقيقية ذهب ضحيتها آلاف الناس من الذين جرفتهم السيول، وأحرقت منازلهم النيران، ودمرت سياراتهم الحوادث، وكلما تحدث أحد المخلصين عن وجود فساد في بعض الجهات الحكومية، يأتي الرد سريعًا بجملة: "نحن مجتمع له خصوصيته، بفضل تمسكه بالعقيدة الإسلامية"، في إشارة إلى أن "الشر برا وبعيد" وليس في المجتمع لص أو مرتش!.



في الوسط الرياضي ظهرت شبهات الفساد منذ زمن طويل، وبلغت مرحلة الرشوة والتزوير والمراهنات، غير أن الرد يأتي بالحديث عن "خصوصية" هذه البلاد وتمسك شبانها بالشريعة الغراء، ودور هذه الخصوصية في تحصين الوسط الرياضي من الفساد الذي يغزو الملاعب في العالم، ومع الأسف استمر هذا القمع، حتى منح الفاسدين غطاء لاغتيال المنافسة الشريفة، وزيادة الاحتقان في الشارع السعودي، تاركًا للمنظرين البحث عن أسباب التعصب!.



مع مرور السنين، بدأت الأمور تتضح، واقتنع بعض المرددين، أنهم لا يعيشون في المدينة الفاضلة، وأن الفاسدين يبحثون عن ترهل الأنظمة وتراخي السلطة في كل العصور ومن بينها صدر الإسلام، للانقضاض على فرائسهم، ولم يكن أمام الوسط الرياضي بعد كل هذه السنين، إلا العودة إلى الذاكرة واستدعاء أحداث غريبة، وفضائح تحكيمية سابقة، جاء بعضها في المباريات النهائية، دون خوف أو وجل، فضلاً عن تصريحات أقرب إلى الاعترافات بتقديم الرشوة لحكام مباريات كرة القدم، والذاكرة غنية بشبهات طالت اللجان، وموظفي الاتحادات، وشركات التسويق، وكل ما له علاقة باللعبة.



إيقاف الحكم فهد المرداسي بالأمس عن قيادة مباراة نهائي كأس الملك، لا يعني إدانته بالفساد، لكنه بمثابة إجراء ضروري لتضييق الخناق على الفاسدين الذين يعملون من أجل اقتناص الفرصة، وهو قرار تلجأ إليه الاتحادات الرياضية في كثير من بلدان العالم؛ لضمان خلو المنافسات من شبهة محتملة لوقوع عملية رشوة أو تلاعب؛ ولأن للمنافسة الشريفة حقًّا يجب أن يؤخذ، فللحكم أيضًا حق يجب أن يصان من خلال الشفافية في إعلان تفاصيل التحقيق وتطوراته، على أن يبقى المتهم بريئًا حتى يدان بالدليل والبرهان.