|


طلال الحمود
الأخوان ديفاري
2018-04-29

عاش العالم مساء الجمعة الماضي إثارة غير مسبوقة في منافسات المصارعة الحرة، واكتشف منظمو اللعبة الاستعراضية أن جدة تمتلك الجماهير الأكثر تفاعلاً مع أحداث الجولات ومشاغبات المصارعين، وعلى الرغم أن الحضور كان يدرك حقيقة المصارعة الحرة، إلا أن هذا لم يمنعهم من الاستمتاع بهذه العروض، وسط أجواء لا توحي بترتيب الصراع داخل الحلبة، من خلال التقنيات المستخدمة وإتقان المشاركين لأدوارهم في المناسبة.



المصارعة الحرة أثارت الجدل في العالم حول حقيقتها، بعدما توفي أكثر من مصارع على الحلبة، ومنهم أوين هارت، لاري كاميرون، غراي أولبرايت وغيرهم؛ ما رفع من أسهم هذه اللعبة ومنحها صدقية عاش عليها المنظمون سنوات طويلة، ولم يكن يعلم أغلب المتابعين أن وفاة هؤلاء العمالقة كانت نتيجة الخطأ في القفز أو الارتطام، أو حتى معاناتهم مسبقًا من أمراض مميتة.



صنّاع المصارعة الحرة في الولايات المتحدة، أعجبتهم مشاهد فيلم روكي، وتفاعل الجمهور مع "خطافيات" الملاكم الأمريكي ضد نظيره السوفيتي؛ ما قادهم لاحقًا إلى الاستعانة بمصارعين يمثلون الغطرسة اليابانية قبل الحرب العالمية، وأحيانًا مصارعين ينتمون إلى دول يكرهها الشعب الأمريكي، وكان الهدف إثارة الجمهور من خلال ترديد عباراة مسيئة لأمريكا، قبل أن يتولى هالك هوجان أو ريكي ستيمبوت تأديب هؤلاء المتغطرسين بالضرب و"الرفس" وسط صيحات الجماهير، ورغم أن الهدف هو الإثارة، إلا أن ضرب المصارع السوفيتي أو الياباني أمام الله وخلقه، يحمل رسائل من ضمنها رفع الروح المعنوية في الشارع الأمريكي خلال الأزمات السياسية والمواجهات العسكرية، فضلاً عن التهكم على الدول العدوة بطريقة مبتكرة.



وخلال منافسات المصارعة الحرة في جدة، دخل "الأخوان ديفاري" فجأة إلى الحلبة، يحملان العلم الإيراني، وسط صيحات الاستهجان، قبل أن يستفزا الحضور بعبارات زادت من إثارة المشهد، ولم يكن أحد في القاعة يشك في أن "عيال ديفاري" لن يخرجا من المكان قبل ضربهما أو حتى جلدهما بعقال "المرعز" في حال استدعى الأمر، ولو سألت أحد المتفرجين بعد هذا المشهد، لتحدث عن انتصار مصارعي السعودية على الثنائي الإيراني، وكأنه يصف معركة حقيقية استنفرت كل مشاعره، وهنا يكمن نجاح جولات المصارعة الحرة.



مع توالي تنظيم واستضافة مثل هذه الفعاليات، ستجد هيئة الرياضة نفسها في الطريق الصحيح، خاصة مع إدراكها عناصر القوة في السوق السعودية التي لا تتوفر في دول مجاورة، ومنها الجماهيرية وقدرة المنشآت على استيعاب أكثر من 60 ألف متفرج، فضلاً عن ضمان نجاح المناسبات من خلال الشعبية المحلية، ودون انتظار وصول الجماهير من الخارج، وفي هذا ما يغري الشركات الكبرى للرعاية والإعلان بحثًا عن الجمهور السعودي.