|


أحمد الحامد
الدخول من الباب
2018-04-17

أجمل الأعمال الفنية تلك التي تصلك بسهولة وانسيابية، غنائية كانت أو أدبية، حتى في وسائل التواصل الاجتماعي نجحت التطبيقات سهلة الاستخدام وأخفقت تلك المعقدة التي تحتاج إلى خبراء في التقنية لاستخدامها، في الشعر تصل إليك وتحفظ تلك القصائد التي يفهم مفرداتها الجميع،

 فيصبح الجميع جمهور القصيدة، وأكثر الكتب انتشارًا هي التي لا تحتاج إلى معجم لشرح المفردات ولا تهتم بالاستعراض اللغوي على حساب الفكرة والمضمون وإرهاق القارئ، شعراء الفصحى الذين أوصلوا المعنى والصورة من خلال اختياراتهم لمفردات يفهمها الجميع، أصبحوا شعراء لكل الناس، قصائد نزار يتبادلها حتى من هم في بدايات سن المراهقة كرسائل حب بليغة، اجتماعيًّا نستخدم كلمة "يتفلسف" على ذلك الشخص الذي لا يوصل الفكرة بسهولة، ويهوى اللف والدوران على المعنى، والحقيقة أن إيصال الفكرة بسهولة هي مهارة لا يجيدها إلا ذوو المهارات في أي مجال من المجالات في الحياة، حتى صناعيًّا،  بعض الكتب عندما تتصفحها تتمسك بها وتغوص بداخلها، حتى إن لم  تكن لديك نية للقراءة حينها بسبب فهمنا لمفرداتها وانسيابية الجمل وصفاء الفكرة، وبعض الكتب وإن كنت مستعدًّا لها، لا تكاد تقرأ عدة صفحات حتى تقرر أنك ستعود لقراءة الكتاب لاحقًا وغالبًا لا تعود، تعجيز القارئ والمستمع بالمفردات التي تحتاج إلى شرح المعنى لا يعني أن الكاتب والمتحدث عالم خبير، ولا يعطي انطباعًا بأنه مثقل بكل ما هو مفيد، في الحياة الكثير منا يفضل السهل العميق الواضح، بعض المتحدثين في الاجتماعات يتحدثون ولا أفهم ما يقولون بسبب مبالغتهم في الاستعراض، كثيرًا ما قدمت استقالتي في "خيالي" وأنا في منتصف هذه الاجتماعات الثقيلة.



في يوم من الأيام كنت أجلس بالقرب من والدي ـ رحمه الله ـ، واستمع لي عندما كنت أتحدث بالهاتف مع صديق دكتور، وعندما انتهت المكالمة قال لي والدي: هل صديقك في نفس المدينة التي نحن بها الآن؟ فأجبته نعم، فقال لماذا لا تدعوه على الغداء؟ فقلت له حسنًا سأدعوه، ثم سألني وقال: ما تخصص صديقك الدكتور؟ فقلت له هو دكتور في الفلسفة، حينها شعرت بتغير على وجه والدي، وكأن الإحباط قد أصابه، فقلت له هل أنت منزعج؟ فقال: يا ولدي دكتور الفلسفة سالفته سالفة.. الحين حنا قاعدين في هالغرفة وفيها هذا الباب.. دكتور الفلسفة ما يقولك ادخل من الباب.. يقولك خذ لك لفتين وارجع ادخل من الباب.