|


أحمد الحامد
درجة ضيافة وأفلام
2018-04-07

السفر على متن الطائرة فرصة لمشاهدة الأفلام، خصوصًا إذا ما كانت الرحلة طويلة، تختلف متعة المشاهدة أيضًا إذا ما كنت مسافرًا على درجة الضيافة أو الدرجة الأولى بالأمس، سافرت على درجة الضيافة وطلبت كأسًا من الماء من الشاب المضيف؛ فقال لي: انتظر.. ألا ترى أنني مشغول؟



ثم بقي مشغولًا لساعات بقيت بها عطشانًا.. أحيانًا فرد واحد يضيع مجهود المئات من زملائه، أشعر دائمًا بالفارق.. السفر على الدرجة الأولى يشعرك بأهمية المال الذي يجعل الآخرين يسعون لخدمتك ورضاك.. والسفر على درجة الضيافة تمامًا كالذي يعيش في الشوارع الخلفية من المدينة، لا يهم، كان المضيف شابًّا صغيرًا، وسيتعلم من الحياة ما لم يتعلمه في بيته أو في محيطه الصغير.. أعود للأفلام، أحب مشاهدة الأفلام التي كتبت من قصص حقيقية، وتتحدث عن تجارب واقعية ملهمة، ينتصر بها الصبور دائمًا ويصبح ملهمًا لغيره، وقد لا ينتصر، ولكن ينتصر الفيلم وتنتصر التجربة.. 



عشرات الأفلام التي شاهدتها أثرت تأثيرًا كبيرًا على نظرتي للحياة، ومفهوم التعامل معها والنظر إليها في الأفلام.. عالم من أدب وصناعة وتطور، وجودة الفيلم مؤشر على مستوى الصناعة والحرفية للبلد المنتج للفيلم، لاحظت أن أقوى وأفضل الأفلام تنتجها البلدان الأقوى في التصنيع والطب والتعليم والنشر، ولاحظت أيضًا أن أبطال الأفلام الواقعية التي كتبت عنهم القصة كانوا إما صبورين أو محظوظين بأشخاص غيروا من حياتهم للأفضل.. صناعة الأفلام في المملكة صناعة قادمة، وعلينا أن نصبر عليها ونشجعها، ولا نقارنها سريعًا بصناعة الأفلام في الدول الثانية..



في المملكة هناك مواهب لكنها تحتاج الوقت للتجريب والتجارب من مسلمات كل صناعة، حتى يظهر المنتج الجيد مثلها مثل أي صناعة أخرى.. أتوقع أن المبدعين في المملكة بعد سنوات سيقدمون للمشاهد العربي ما يستحق المشاهدة، وما يفوق ما قدمته الأغنية السعودية والخليجية، التي لم تنتشر بالصورة المطلوبة خارج منطقة الخليج؛ بسبب خصوصية اللهجة.. الأفلام التي ستنتج في المملكة ستفيد الأغنية كثيرًا وتنشرها بعد أن تساهم الصورة في نشر وشرح المفردات الخاصة باللهجة في منطقة الخليج..



مشاهدة الأفلام الجيدة متعة، وتقدم لك تجارب الآخرين في وقت قصير معبر، مثلها مثل الكتاب الجيد، لكن بعضهم لا يقرؤون.. وأتصور أن مشاهدة الأفلام قد تعوض لهم هذا النقص، علينا أن ننتظر نتاجنا السينمائي ولا نحبط الصناع، مجدهم قادم لكنه يحتاج الوقت الذي احتاجته صناعات الأفلام في الدول التي أصبحت تنتج الأفلام العالمية.. الصناعة الجديدة تشبه الطفل الذي لا بد أن تنتظر السنوات وتتحمل الأخطاء حتى يكبر وينضج حتى تظهر مواهبه.