|


عارف عمر
إرضاء الآخرين
2018-04-02

تذكر مارجريت تاتشر، رئيسة وزراء بريطانيا السابقة: "إذا كان هدفك أن تُعجب الناس فستكون مستعدًا للمساومة على أي شيء في أي وقت، ولن تحقق شيئًا".



بإسقاط بسيط لهذا الكلام على حياتنا أو أجزاء منها، نجد أن ما نفعله لإرضاء الآخرين وإن نجحنا في تحقيقه سيذوب في زحمة الحياة، وسيتلاشى ما وصلنا من ردود أفعال تجاهه.. قد يبقى الأثر في نفوسنا كبقعة ضوء صغيرة ربما تخبرنا في يوم من الأيام أن ما فعلناه بقناعة تامة لإرضاء طموحنا أو للوصول إلى هدف نحن من وضعه هو أكثر إساءة وأكثر بقاء في نفوسنا وأكثر تأثيرًا في الآخرين، لأننا فعلناه بكل قدراتنا وجوارحنا.!!



في الثقافة والأدب بشكل عام وفي الشعر بشكل خاص، نجد أن أكثر النتاجات الباقية والمؤثرة والإبداعية كانت ناتجة من صاحبها من داخله، ولم تكن مرتبطة بأذواق أو رغبات أو ميول الآخرين.. الشعر ليس وظيفة والثقافة ليست محلاً نشتري منه ما يعجبنا بتأثيرات خارجية أو نتيجة لإعلانات براقة أو ترويج مبرمج.. هي حالة إبداعية سواء لدى المبدع في إنتاجه أو لدى المتلقي في اختياره.. ما يدفعني لقول ذلك هو الازدحام الشديد في شوارع التواصل الاجتماعي الذي أصبح يعج بالمثقفين أو أشباه المثقفين.. وأقول التواصل الاجتماعي لأن الحالة هنا هي حالة خاصة قد لا تصل للواقع بصلة إلا في القليل من المعروض.



ونفس الحالة تنطبق على المسميات في مجالات مختلفة المحلل الناقد الأديب الإعلامي.. لم يعد الوضع مجرد نسخ ولصق والحصول على إعجاب المتابعين لشخص قد لا يعرفونه، بل أصبح أكثر من ذلك، حيث إن الكثير من الوسائل والمنصات الإعلامية سخرت قدراتها لتلميع وترويج أنصاف المثقفين لا لشيء ولكن لأن هذا أو ذاك أو تلك يمتلكون مئات الآلاف من المتابعين وهو الكنز الذي تبحث عنه هذه الوسائل، بغض النظر عن المحتوى أو القدرات التي يمتلكها هؤلاء.



محاولة إرضاء الغير أو كسب المال بجهد ونتاج قد لا نملكه أو نتاج أدبي مصنوع لا روح فيه هي محاولة إعجاب الآخرين والمساومة على أي شيء مقابل ذلك وفي أي وقت هنا قد تحقق المال والانتشار والشهرة ولكن لن تحقق ذاتك، وبالتالي سيكون هذا النجاح مجرد فقاعة قد تنفجر في أي لحظة وتتلاشى دون أن ينتبه لها أحد أو قد تكون مجرد حكاية في كتاب اسمه "نحن من يصنع الفاشلين".