|


أحمد الحامد
بالونة
2018-03-29

بعض الناس يعيشون داخل بالونة، بعضهم يعيش داخل بالونة الجشع، وبعضهم الحسد، وبعضهم الكسل. هناك بالونات أخرى يقيم فيها البخلاء والجهلاء، بعضهم قارئ للتاريخ، ويعرف نتائج العيش داخل البالونة السلبية، لكنه لا يعتبر، أوليست لديه القدرة على تغيير ما اعتادت عليه نفسه دون سيطرة منه، والعيش بالقرب من سكان البالونات حياة متعبة، وتضييع للوقت؟ 



بعض الأصدقاء نعمة من الله، يجب المحافظة عليها بالشكر وإظهار الأخلاق الحميدة لهم، وبعضُ مَن قد تعدُّهم أصدقاء يعدُّون "نكبة" كبرى، وقد يؤثرون في حياتك تأثيرًا بشعًا والى الأبد. الكثير من الناس قرروا قرارات خاطئة بسبب اختيارهم الخاطئ للمحيطين بهم، وكون صديقك "عِشرة" عمر لا يعني هذا أنه صاحب رأي. بعضهم يحبطونك لأنهم سلبيون، وقد لا تكون منتبهًا إلى ذلك بسبب "السلك" العاطفي الذي يربطك بهم. 



ليس كل مَن تحبهم جيدون، عليك أن تنظر بعين ثاقبة وواقعية، قد تفقد كل ميزاتك لأنك قتلتها بآرائهم السيئة، قال لي أحد المهندسين الناجحين: إن نجاحه جاء بتوفيق من الله، ثم من نصيحة قدمها له أحد أصدقائه، واستمع إليها ونفذها، وحقَّق نجاحًا كاسحًا، وهذا من حُسن اختيار الأصدقاء. 



وأعرف آخرين فشلوا، وتكبدوا أضرارًا كبيرة بسبب استماعهم إلى نصائح "لحوحة" من المقربين منهم. 



مع الأسف أستطيع القول: إن بعضهم يدلُّك على الطريق الخطأ بعلم منه، ويدعوك إلى فعل ما فعله هو على الرغم من تضرره منه. 



الأصدقاء النبلاء دائمًا تكمن سعادتهم في راحة ضميرهم، ويجدون فرحتهم في نجاح الآخرين. 



هؤلاء بالوناتهم بحجم الكون الكبير، وكل ما فيها خير وعطاء، ويعلمون أن الخير وفير ويكفي الجميع، والعمر محدود والحياة الدنيا رحلة لها بداية ولها نهاية، لذا يطلقون كل ما هو نبيل، ويُسعدون بسعادة الآخرين. 



سكان البالونات باقون طالما بقي الإنسان على الأرض. 



صديقي القارئ اختر أصدقاءك بعناية، واجعل حظك جيدًا بهم، وحافظ بصدقك عليهم، واعتنِ بهم، وافرح كثيرًا معهم، أقول ذلك لنفسي أيضًا، وأسأل الله أن نوفَّق جميعًا بصحبة صادقة، وأقول قول المتنبي: 



إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة 

فلا خير في خلٍّ يجيء تكلفًا 

ولا خير في خلٍّ يخون خليله 

ويلقاه بعد المودة بالجفا 

وينكر عيشًا قد تقادم عهده 

ويظهر سرًّا كان بالأمس قد خفا.