|


أحمد الحامد
بين مارادونا وطلال مداح
2018-03-20

الحديث عن مارادونا يفهمه جيداً الذين عاصروه وتابعوه وعرفوا مدى مهاراته التي أدخلها على كرة القدم، لكن الحديث عنه متعب للراوي؛ لأن جمهور الكرة الآن من جيل مختلف ومتأثر بنجوم الفترة الحالية، أعلم جيداً أن ميسي ورونالدو نجمين كبيرين لكنني لا أندهش من مدى تأثيرهما داخل الملعب؛ لأنني شاهدت ما فعله مارادونا في ظروف كانت صعبة كروياً، كل ما شاهدته من نجوم الكرة الآن يشبه تماماً استماعي إلى قصيدة جميلة من شاعر موهوب لكنني قرأت وحفظت قصائد المتنبي، تماماً مثل استماعي إلى صوت جميل لمغنٍ شاب في الوقت الذي استمعت فيه إلى أجمل أغاني طلال مداح. 



معجزة مارادونا أن فريقه لا يفوز من دونه، ويأخذه من قاع الترتيب لحصد البطولات العالمية، مارادونا لا يصنع الفريق، بل يصنع المدينة التي يقع فيها مقر الفريق، لا أعلم إن كنت أحن إلى أيام طفولتي ومراهقتي التي كنت أشاهد بها مارادونا على أرض الملعب، وإلى كل تلك الأيام التي كانت في زمن مارادونا، لكنني فعلاً لا أتفاعل مع حماس مشاهد بعد نهاية فيلم يستحق جائزة أوسكار؛ لأنني حفظت جميع مشاهد فيلم العراب. 



أنا لا أوقف مشهد الكرة على لقطة مارادونا لكنني لم أشاهد أجمل منها، وددت لو ظهر لاعب يلعب بكرتين معاً ويطير في الملعب ويخفي الكرة من أمام حارس المرمى، لاعب ساحر يقول لي إن مارادونا ساحر الكرة على  الأرض، وأنا ساحر الكرة على الأرض والفضاء معاً، لاعب يصنع للعالم مدينة كمدينة نابولي التي صنعها مارادونا. 



كانت حجراً وتماثيل تشبهها عشرات المدن ولا يعرفها إلا من يزورها أو معني بها، مارادونا قدم لنا هذه المدينة وأوصلها لنا ونحن صغار نلعب الكرة حفاة على الرمال، ومنذ أن خرج مارادونا من نابولي انقطعت أخبارها عن مسامعي ونسيتها، باستثناء تلك المباراة التي أقيمت على أرض نابولي في نهائيات كأس العالم عام 1990 بين إيطاليا والأرجنتين، حينها كسر جمهور نابولي قاعدة الولاء إلى منتخب الوطن.. 



كان ولاؤهم إلى الذي صنع مدينتهم، كانوا يشجعون مارادونا.. لا الأرجنتين.