|


أحمد الحامد
علشان الملح.. والعشرة
2018-03-10

يبدو أن هذا المقهى أصبح مألوفًا لدي، وبدأت أستحسن الجلوس فيه، هذه هي المرة الثالثة التي أذهب إليه، بدأت "العشرة" تتكون بيننا، العشرة هي التي حفظت لنا الكثير من البقاء، هي التي حفظت الكثير من الصداقات والزيجات، العشرة هي الكلمة الأكثر حضورًا في كل وساطة عند التخاصم "علشان العيش والملح اللي بينكم"، الذين يقدرون العشرة يتمتعون بالطيبة والوفاء، لا يعني ذلك أنهم يفهمون دائمًا لكنهم طيبون... غالبًا.



بعض الأزواج أثبتت السنوات أنهم لا يحبون زوجاتهم، ولكن بينهم عشرة.. وقود الأيام والسنين، وبعض الزوجات صابرات على حماقة وثقل أزواجهن.. من أجل العشرة، وبعض الأشخاص يتورطون في مشاكل أصدقائهم من أجل العشرة، الحب نفسه قصير أحيانًا.. يضعف وينسحب ويٌنسى مع الملل والظروف..



العشرة أبقى وأقوى.. تبدأ صغيرة ثم تكبر.. الحب يبدأ كبيرًا ثم يصغر.. غالبًا، على "العِشَرِيين "ألا ينتظروا تقدير الطرف الآخر أيضًا، تقدير العشرة مسألة بين الإنسان وذاته، بين نفسه وسموها، الذين ينتظرون ردود أفعال جيدة من الآخرين غالبًا يعيشون في إحباط، ولن يستمروا في نبلهم طويلاً..



تحتاج أي علاقة ما إلى طرف عاقل.. يقدر العشرة، قيل إن رجلاً استحلف زوجته: سألتك بالله.. أتحبينني؟ فقالت أما وقد استحلفتني فإني لا أحبك، يبدو أن الرجل صدم من إجابتها، أو من صراحتها، الرجل عادة يرى نفسه أمام زوحته أقرب للكمال إلا بعض العاقلين، كان ذلك في زمن العبقري عمر ـ رضي الله عنه ـ، ذهب الرجل إليه شاكيًا ما قالته زوجته له؛ فأرسل عمر إليها وقال لها: أنت التي تحدثين زوجك بأنك تبغضينه؟ فقالت يا أمير المؤمنين، إنه استحلفني.. أفأكذب؟ فأجابها عمر نعم اكذبي، فإن كانت إحداكن لا تحب زوجها فلا تحدثه بذلك؛ فإن أقل البيوت التي تبنى على الحب، ولكن الناس يتعاشرون بالإسلام والإحسان.



أرى أن الإحسان كائن يعيش في كنف العشرة، وهو واحد من أبرز مكوناتها، الإحسان للآخرين سر من أسرار محبة الناس لك، أو صبرهم على أخطائك.