|


طلال الحمود
المتربحون!
2018-02-04

أنشأت كثير من الجهات الإعلامية التابعة للدول الكبرى، إذاعات تخاطب شعوب العالم بلغاتها، وغالبًا ما كانت هذه الإذاعات تعمل وفق سياسة دولة المقر ولخدمة أهدافها، مع مراعاة الحياد في الصراعات السياسية والحروب التي لا تشكل خطرًا على أمن هذه الدولة، وبات من غير المألوف انحياز الإذاعات التي تبث صوتها باللغة الأم ولغات عالمية أخرى إلى طرف على حساب خصمه، باستثناء الأقسام العربية في هذه الإذاعات، ولاحقًا التليفزيونات ومواقع الإنترنت، والعلة تكمن في ضعف الرقابة وعدم اهتمام الدول المتضررة في لفت نظر المسؤولين في هذه الدول، إلى العبث الذي يمارسه العرب ضد العرب من خلال القسم العربي!



في عام 1990، تحول فجأة القسم العربي في "إذاعة لندن" إلى تبرير مواقف العراق أثناء احتلال الكويت، في توجه يخالف سياسة بريطانيا التي أرسلت 40 ألف جندي للاشتباك مع قوات صدام، استمر الأمر حتى بلغ مرحلة التحريض، قبل أن يوجه الملك فهد دعوة لرئيس هيئة الإذاعة البريطانية الذي جاء إلى الرياض، وأطلعه الملك على "بلطجة" القسم العربي التي لا تستند إلا إلى رغبة جامحة في التربّح.. انتهى اللقاء واختفى بعدها نعيق "الزعران"!



ما زالت هذه الممارسات تعاد دون حياء، وهذه المرة خلال المقاطعة الخليجية لقطر، حين بدأ بعض الإعلاميين في التذاكي على الجهات الخليجية التي يعمل فيها "برغبته"، هذا البعض كان يتمتع بعلاقات وطيدة مع شخصيات وجهات في قطر، وهو غير مطالب بالمشاركة في فضحها، ولم يطلب منه أحد في السعودية والإمارات والبحرين أن يكتب في مقالاته أو صفحاته الخاصة كلمة ضد قطر؛ لأن نظرته إلى الأزمة شأن يخصه لاعتبار أنه لا ينتمي إلى المنطقة أصلاً.. وتبقى نقطة التذاكي حين يقوم بعض الإعلاميين بإصدار "فرمان" للجهات التي يشرف عليها، يقضي بعدم ذكر اسم "قطر" نهائيًّا في الصحف والبرامج، وهو التفاف يهدف إلى تحييد وسائل مهمة تعوّل عليها دول المقاطعة في مواجهة كذب إعلام الدوحة، ويسعى أيضًا إلى تأمين خط رجعة للمتربحين يضمن تدفق الهدايا!.



المتربحون يمنعون ذكر اسم قطر، لعلمهم أنه لن يذكر بخير، ولأنه يفتح الباب للحديث عن مؤامرات قطر وتسخيرها المال والفن والرياضة وكل شيء لصالح سياستها الشيطانية.. هؤلاء باتوا أمام الالتزام بعقودهم مع الجهات الإعلامية، أو الانسحاب وترك المهمة لمن ينفذها؛ لأن زمن الترهل في متابعة التزام الجهات الإعلامية أصبح شيئًا من الماضي!.