|


أحمد الحامد⁩
فن النهاية
2018-01-20

 



 



 



 



يقول زوج ابنة المخرج الشهير الراحل مصطفى العقاد: أثناء ذروة حفل زواجي وكان الأقارب والأصدقاء يرقصون على أنغام الموسيقى بكل حماس وفرح، قام والد زوجتي وأطفأ مشغل الموسيقى.. معلنًا بذلك نهاية حفل الزواج، شاكرًا للحضور مجيئهم ومشاركتهم لنا الفرح، فذهبت للمخرج الراحل وسألته لماذا أوقفت الموسيقى والحضور ما زالوا يحتفلون ويرقصون؟.



 



فأجابه العقاد: لقد وصل الحفل إلى ذروته؛ فقررت أن ينتهي وهو في قمته.



 



كان مصطفى العقاد يشاهد الحفل بعين المخرج الناجح الذي لا ينتظر أن يتسرب التعب والملل إلى المشهد العام؛ فقرر أن تكون اللقطة الأخيرة هي الأقوى والأجمل.



 



لدى القلة من الناس قدرة التحكم في مدة ظهورهم وتواجدهم، المبدعون الأذكياء لديهم هذا المخرج العبقري والشجاع الذي يقول في لحظة ما حان وقت الرحيل، مشكلاً الانطباع الرائع، رافضًا كل الأصوات المطالبة بالبقاء.



 



إن قرار التوقف والاختفاء والظهور يحتاج إلى موهبة وإلى إحساس عال وعقل يتابع الإيقاع بكل شفافية ودون جشع، بعض الأذكياء الذين يتشوق الناس إلى الجلوس معهم يتحكمون بمشاهد ظهورهم، فلا يزيدون ولا ينقصون.. تسمع أحدهم وهو يغادر المكان مجيبًا الأصوات المطالبة ببقائه: لدي موعد مهم، رغم أنه ذاهب إلى بيته وقد يجلس فيه وحيدًا.



 



الفن سلوك الأذكياء في الحياة، الفن في كل شيء حتى في النهاية.