|


فهد علي
نهاية "بداية"
2017-09-14

 

غدونا نتوجّس ذعرًا من المؤسسات والمشاريع التي ترتدي أسماؤها معاني راديكالية: "النهضة"، "التغيير"، "الصحوة"، أسماء تحمل دلالات ثورية طائشة، أمّا قناة "بداية" رغم اسمها المشتعل حماسة، إلا أنها لا تنتمي لذلك الصخب الفكري، برؤية الشباب فيها يتمايلون رقصًا تدرك أنها لا يروق لها كل تلك الأجواء. 

 

وظن الجميع اسمها ـ "بداية" ـ هو إيحاء لفتح صفحة جديدة ونسيان الماضي للانطلاق من جديد، لكن ما أدركناه مؤخرًا، الاسم يعني أن برامجها التلفزيونية لا نهاية لها ولا حدّ يوقفها.

 

 من مزايا القناة كشفها لأدعياء الحرية الذين باتوا يناقضون مبادئهم ويضعون أيديهم على شاشتها من أجل حجبها عن الآخرين، بل من العدل أن لحقها منّا جميعًا المباركة بنجاح القناة على صعيد نسبة المتابعة، فنحن نعيش عصر التسويق وبات التفوق بالعدد والكم والقوة والضخامة أشد على أيدي المسؤولين، إذ ليس هنالك حدود على إعجابي للأفكار الخلّاقة التي تقدّمها "بداية"، ما أجمل أن تُخرج الأسر والأفراد المحافظين من شرنقاتهم ورتاباتهم كي تبعث فيهم فكرة "الرقص" و"الغناء" بصورة مشروعة، ـ معنى الغناء هنا الصدح بالصوت العالي مثل الشيلات ـ .

 

الميزة الأساسية التي ترتكز عليها وتشكّل العامود الأساسي لثبات شاشتها في بيوتنا، أنها على طوال 24 ساعة، القناة لا تقدّم شيئًا فكريًّا وجادًّا، وذلك يريح أذهاننا المجهدة ويتواءم مع مطالبنا العقلية المسترخية، حيث إن عدد المشاهير الكبير في القناة لا يوضّح إلا حجم "المنسدحين"/ المعجبين في بيوتنا.

 

نجاح بداية الذي يكمن بتماهيه مع مزاج ربّات البيوت اللاتي يروق لهن سماع الغناء من دون موسيقى، واقتناصها للفتيات الصغار المحدّقات بوجوه المشاركين طوال الوقت، وهن اللواتي أبشّرهن ببقاء القناة ساطعة وسوف يستمر "المشاركون" الذين لا يحملون أي ميزة في اعتلاء خشب المهرجانات وحصد الإعجابات، فلن يأفل بريق شاشتها إلا بعد أن يقدّم المجتمع جيلاً مُشاهدًا يسأل عقله عن قيمة كل ما يراه.