|


هيا الغامدي
(ميسي) خارج إطارات الزمن
2017-10-13

 

 

"أخبرت فريقي أن ميسي لا يدين للأرجنتين بالتأهل لكأس العالم بقدر ما تدين كرة القدم لكأس العالم بوجود ميسي، إنه لاعب عظيم ونحن محظوظون أنه أرجنتيني الجنسية" بهذه الكلمات تحدث مدرب التانجو خورخي سامباولي عن ميسي "المواطن" البطل القومي الذي اختصر حكاية كرة القدم بين أقدامه!.

 

ضرب من خيال استيعاب فكرة أن لاعبا يعمل ضمن منظومة متكاملة من اللاعبين يحمل ثقل وهم منتخب على أكتافه بلعبة جماعية! المنتخب الأرجنتيني مثخن باللاعبين الكبار العالميين والمحترفين بأكبر الفرق العالمية وأشهرها، ولكن ميسي على الأغلب هو من يصنع الفارق بهذا المنتخب بالتوقيت الاستثنائي من الكرة كمباريات التصفيات التي كان الخروج من مأزقها كالخروج من عنق الزجاجة من بعد السيناريو الغريب ودراما النتائج التي عاشها المنتخب الأرجنتيني وكادت أن تطوح به خارج مجموعة المتأهلين عن القارة الأمريكية الجنوبية للجولة الأخيرة!.

 

غياب التانجو عن مونديال روسيا كان سيعد ضربا من ضروب الخيال وفكرة لا يصدقها العقل خاصة وأن هذا المنتخب مركب أساسي من مركبات كأس العالم منذ1970م للآن، وفي ليلة الإكوادور التاريخية أضاف "عنترة" هذا الزمان ابن مدينة روساريو فصلا جديدا من فصول الملحمة الكروية الأرجنتينية اختلطت بها دموع الفرح بالفخر بحالة فريدة من حالات كرة القدم عنونتها صحافة البلاد بعنوان عريض: "ليو... أنت كل شيء"!.

 

ميسي "جوكر" لعبة كرة القدم الأرجنتينية والعمود الفقري لهذا المنتخب وكثيرا ما خُذل وأنخذل مع منتخب بلاده وانتقد بشدة وبقوة، رغم أنه هدافه التاريخي بكأس العالم بـ62هدفا متفوقا على عمالقة الكرة الأرجنتينية باتيستوتا ومارادونا واجويرو مهاجم المان سيتي وهيجواين نجم اليوفي! كما أنه الهداف التاريخي لتصفيات أمريكا الجنوبية المؤهلة لكأس العالم بـ21 هدفا!.

 

وعندما يقال عن لاعب بأنه..."يسوى بلد بحاله" فهذا ينطبق على ميسي كونه يعرف تماما كيف يبقى بذاكرة مشاهدي كرة القدم! فهو ملك هذه اللعبة بقدرته الهائلة على قلب النتائج والعبث بها بين أقدامه بطريقة ساخرة ماكرة يعيد من خلالها الجزء الضائع من الكرة على طريقته "البرغوثية"! فهو سيد كل المواقف!.

 

ميسي المفكر وصاحب التمريرات والأهداف المقننة يجيد التعامل مع توقيت الكرة ويعطي خلاصة تجاربه وعصارة تفكيره وإبداع أقدامه يصيغها جميعا بكرة مقننة خارج إطارات الزمن! فهناك توقيت للكرة ليس لأي أحد بل للاعب بعينه "اللاعب الكبير" الذي يجيد فرض حلوله الإدراكية بالملعب يمينا وشمالا ليضعها بمواقع أفضل!.

 

وإذا كان "ميسي" بالأرجنتين و"رونالدو" بالبرتغال و"محمد صلاح" بمصر و"رياض محرز" بالجزائر كأمثلة عالمية للاعبين المميزين الذين استفادوا من تجاربهم بالاحتراف الخارجي "شخصيا وقوميا" فكم "ميسي" لدينا نحن؟!وإذا كنا نبحث عن الأسباب لعدم وجود ولو "واحد" من أربعين ميسي بكرتنا فعلينا أن نبحث بداية عن الجينات التي تأتي بمثل هذه الخامة من اللاعبين، "الاحتراف الخارجي" هو من يأتي بهذه النوعية من اللاعبين، ليس أي احتراف ولكنه ذلك الذي يضيف للاعب ولكرة بلاده الكثير، ملاعب القارة العجوز هي المصنع الأول لإنتاج وتكوين شخصية اللاعب "المنقذ" والذي يعطي كرة بلاده خلاصة أفكاره الاحترافية وتجاربه العالمية يضيف إليها وينميها، فلنبحث عن السبب حتى يبطل العجب، ألقاكم،،