|


فهد علي
عن كرة القدم
2017-10-17

 

 

المجنونة الدائرية، من يركلها بدقّة تُنصّبه بطلاً أبدياً، من يراوغ البشر متجهاً للمرمى المنافس دون أن يخسرها، تجزيه بسخاء وافر حينها تفتح أمامه كنوز الحياة، إنها "كرة القدم"، التي نتحدّث حولها عن مدى احتمالية انتهاء الصحافة الورقية، وأفول وسائل التواصل، وعن بلدان تسقط وتُبنى أخرى جديدة، لكن عنها تحديداً تظل هذه الرياضة بين أصوات الرصاص وصخب الحياة، تزداد بألقها ولا يخفت بريقها. 

 

من الأطراف والأقاصي يجتمع حولها العشاق في الملعب الرياضي الذي يمتلئ بالآلاف لعدة ساعات بينما بعد انتهاء النزال تهجره الضوضاء السمعية ويبدأ الصمت يرمي ذاته على: الميدان وغرف ملابس اللاعبين وكراسي الجماهير. 

 

تتوهم من شدّة صمت الملعب أنه لأعوام على حاله وما كان أبداً، هنالك قبل أيام قليلة صرخة هربت من فم مشجع يؤازر لاعب فريقه المفضّل أو زمجرة حشود انطلقت ضد الحكم معترضين على قراره.

 

أنا شخصياً منذ سنوات أشحتُ النظر عن متابعة المباريات وقل نهمي إليها لأسباب منطقية، وظننت أن البشرية سوف يتجاوبون معي لكني لا أراهم يتحدثون أو يرون شيئاً سواها.

 

لا أعرف نتائج معظم "المباريات" وما يجري في التسعين دقيقة إلا أن ما أعرفه هو خارجها "خسارتنا" فيها كلها، كيف لكرة القدم بهذه الشعبية لا تزال عبئا اقتصاديا على ميزانية الدولة فإن أي طفل يستطيع أن يرى شعبيتها كفيلة بإتّكالها مادياً على ذاتها في حالة اعتماد التخصيص، إن هنالك اعوجاجات وعملا دؤوبا من نواح مادية وتربوية وتحسين لمستوى الرياضة، الجميع ينتظر نتاج عمل المعنيين الجدد والمؤتمنين على الرياضة الذين باشروا بقرارات غزيرة تحمل جرأة مبشرة وغير معهودة، وعلى الصعيد الإعلامي كلّي رجاء أن تنجلي برامج رياضية يراها ملايين الشباب وهي تُذكّي التخاصم ومشاعر الكراهية وأن تسود برامج تطرح الأسئلة العقلانية من أجل كشف كامل الصورة دون صراخٍ أو عويل.