|


فهد علي
‏اليوم العالمي للنسيان
2017-10-31

 

 

 

 

‏تتخمر وتولد فكرتي من مبدأ شعري، لأن البدر في ذات مرّة قال: "جيتي من النسيان". والمرّة الأولى تكون أبدية في ذاكرتنا حينما يتفوه البدر شعراً، حتى لدرجة تأثيره بي كدت أتهندم بشكل يومي منتظراً أن تأتِ حبيبتي من النسيان رغم أنه ليس لدي لا حبيبة ولامبغضة. وبالضرورة معظم الكائنات البشرية زُرع فيها هاجس وذعر التعاطي مع تلك الأشياء المقبلة فجأة من عالم النسيان البعيد، 

 

وغالباً لن تكون حبيبة أوحبيب، لذا من هذا المبدأ لا تفتنني الأيام العالمية: "يوم الأب العالمي"، "يوم الكتاب"، "يوم الشجرة"، "يوم مقبض الباب"، "اليوم العالمي لصوت القنفذ". لكن ما وجه الضر في تقبّل الناس مع هذه الأيام التي لاتنته وتأتِ كل حول بصورة مملة ومفاجئة، ويبدو أنه كلما فقدت الأشياء بريقها زيّناها بيوم عالمي يقلّد عنقها كإكليل من الورد، لذا لعمري أني تمنيت على نحو شخصي تشييد يوم عالمي لـ"فهد بن علي" طوال أيام الحول وذلك لانصهار وهجي وانقشاع بريقي. 

 

وعلى نحو شخصي آخر، كطالب مبتعث في أمريكا أنتظر هذه الأيام بشوق مفرط لأنه في الغالب يصاحبها عطلة رسمية وما يعنيه هو أن هنالك نوم دافئ وعميق ينتظرني بينما الأخوة الأمريكان يحتفون به طوال الـ24 ساعة، وأظن أن مجتمعاتنا مثل ابنهم ـ فهد ـ زجّت أنفسها في أيام الغرب العالمية دون أدنى معرفة عن نشأتها وتكوينها ـ أي الأيام ـ، حتى دون إعداد مسبق في خلق فعاليات احتفائية بأي يوم عالمي.

 

علينا نسيان الأيام العالمية وإيصاد الباب في وجهها وذلك جمود اجتماعي غير جيد، أمّا الجيد جداً فيكمن بخلق أيام مخصصة نحتفي فيها بذاكرتنا الجماعية مثل أن نحتفي بذكرى معينة أو خلق أيام تعنينا ونخصص لها عطل يومية، تمارس المؤسسات نشاطاً داعماً لها بينما بذات الأمر هي تنبيه للمواطنين الكرام على أهميتها وإجلالاً لها.