|


بندر الدوخي
وصفة رمضانية
2010-08-20
ـ من الوصايا النبوية أن نفطر على تمر.. والتمر حلواء..
ـ والعرب تقول في أمثالها: طعام لا حلواء فيه ناقص.
ـ وقدماء العرب كانوا يعدون التمر سيد الحلواء.
ـ ولا تخلو الموائد العربية في عصور الازدهار من الحلواء.
ـ ففي الأندلس كانوا يسمون الحلواء "عروس الموائد" ويصفونها بلمسا يزيد البهاء ويصفي الجسم ويزيل الأسقام.
ـ والمائدة الرمضانية منذ القديم كانت تحفل بنوع من الحلواء بدءاً بالتمر.
ـ ثم دخلت الكنافة أجواءنا الرمضانية أيام معاوية بن أبي سفيان في بلاد الشام.. ولدخولها طرفة تروى.. فقد شكى معاوية على طبيبه أنه يجوع في صيامه فوصفها له الطبيب رافداً يصد الجوع.
ـ وقيل أن سليمان بن عبدالملك بن مروان اهتم بها.
ـ وكان أهل الشام أبرع من صنعها.. ثم انتقلت إلى مصر واشتهرت هناك.
ـ ولشعراء مصر والشام فيها قصائد، ومن شعر البوصيري وابن نباته وابن الجزار نجد أن الكنافة تصنع من الدقيق المحشو بالفستق غير المقشور ثم يسكب عليه ذوب السكر.
ـ وهكذا لا تختلف عن كنافتنا اليوم إلا في أننا سحبنا قشر الفستق واستبدلناه بالجبن وما شابه من مشتقات الألبان.
ـ ثم دخلت القطائف مائدتنا الرمضانية، واهتم بها الأدباء والشعراء اهتماماً ملحوظاً.
ـ وإذا كان صاحب "القاموس المحيط" يرى أن القطائف المأكولة لا تعرفها العرب، فإن ابن منظور في "لسان العرب يسعفنا ببعض المعلومات عنها" فهي – أي القطائف – طعام يسوى من الدقيق المخلوط بالماء.
ـ ولكن وصفها الذي يشبه ما يرد في كتب الطبخ هذه الأيام تضمنه كتاب "التذكرة" وفيه أن القطائف دقيق يعجب يحمر ثم يسكب على فولاذ إلى أن يصبح كالأسفنج ويفرك بدهن اللوز أو العسل ثم يحشى بالفستق.
ـ ولست أدري هل الفستق بقشوره، أم مقشور، أم مبشور؟ ولكن هذه وصفة "التذكرة".
ـ شاهت الزلابية في مائدتنا الرمضانية، وهي نوع من الحلواء، ومن خلال وصف ابن الرومي لها في إحدى قصائده لا أرى أنها تختلف عن زلابية هذه الأيام، أو المعلومات كما تقول برامج التلفزة، وهي دقيق يخمّر ويقلى في الزيت ثم يغطس في ذوب السكر أو العسل.
ـ ومثلها شاعت الفالوذج أيام هارون الرشيد وهي تعمل أيضا من الدقيق والماء والعسل.
ـ وقد استجد بعد هذه الحلويات التاريخية ما يبهر النظر ويحير الفكر، ولكنها لا تخرج كثيراً عن إطار الدقيق والسمن والعسل والمكسرات.
ـ وإذا كان القدماء يحتفون بهذه المعجنات المشبعة بالدهون والسكريات والمكسرات ففي زمننا يحتاطون أمامها، ولكل زمان ظروفه.
ـ ولعلهم قديماً أكثر حركة وأقل ضغوطاً مما نحن عليه في عصور التقارب الآلي، والكسل الآلي، والضرورات الرياضية.
ـ وفي نصيحة أبي عثمان الثوري لابنه: أن الداء كله في فضول الطعام.
ـ وأخشى أن الحلواء في رأيه من فضول الطعام.