|


بندر الدوخي
شهر استجمام لا حرمان
2010-08-26
ـ أركان الإسلام تقوم علي:
شهادة أن لا إله إلا الله.. وهي قمة اليقين بخالق هذا الكون.
الصلاة .. وهي عنوان التطهر النفسي والجسدي والسمو الروحي.
الزكاة .. وهي تربية الجود والكرم في الأعماق التي جبلت على حب المال.. والتفات إلى تأثير الفقر في المجتمع.
الحج .. وهو خيار القادر.. وفيه تجديد الشخصية.
أما الصوم.. وهو أسمى مراتب التقوى عند الله فله خاصية تجمع الكثير من قيم الإسلام الرائعة.
ـ فهو يغرس خلق الشجاعة والثبات والرحمة والحض على السخاء والجود وتقوية النفس الإنسانية.. وكل هذا بمعاندة الطبائع لا بمعاونتها.
ـ فالصائم لله يطبق عملياً أمثلَ سلوكيات الأمانة.. والأمانة ضرورة يحتاجها الفرد والمجتمع معاً.
ـ وفي رمضان تشيع قيم الكرم والجود.. فهناك فك أسير.. وإطعام جائع.. وصدقات ضخمة للجمعيات الإنسانية.
ـ وفي رمضان عزة الجهاد.. بدحر النفس أمام شهواتها والارتقاء بها في مسالك الخير.
ـ كما أن الصوم تحرير الجسد من طغيان غرائزه والسمو به إلى الملأ الأعلى.
ـ فهو من حقيقته شهر استجمام لا شهر حرمان.. يكسر فيه الإنسان المسلم سلطان عادته اليومية.. ويجرب قدرته على الاستقامة وإصلاح النفس وتزكيتها بالتقوى والإحسان والصبر والصدق والعفو والإصلاح بين الناس والإيثار والتعاون والكلام الحسن وتجنب الانقياد لهوى النفس والكذب والغش والكبرياء والسخرية واللمز وسوء الظن والتجسس والحسد والغيبة والغضب واللغو والشراهة وتنابذ الألقاب.
ـ أن الصوم مدرسة يتعلم فيها المسلم كيف يعيش فيها كيف يعيش مع نفسه ومع الآخرين حياة مثلى.
ـ فهو مضمار سباق المؤمنين كما وصفه الحسن البصري.
ـ وميدان الاجتهاد كما قال عنه شيخنا الفاضل عبدالعزيز بن باز.
ـ ووسيلة من وسائل تحقيق الذات كما تحدث عنه عباس محمود العقاد ذات يوم.
ـ وعده الأحنف بن قيس زاد سفر طويل، فالصبر على طاعة الله أهون من الصبر على عذابه.
ـ وحث الإمام الشافعي على زيادة الجود في رمضان اقتداء بنبينا الكريم صلى الله عليه وسلم.
ـ وقال الإمام الغزالي: إن الصيام زكاة النفس.. ورياضة الجسم.. وداع إلى البر.. فهو للإنسان وقاية.. وللجماعة صيانة.
ـ وأحمد شوقي الذي عرفناه شاعراً له عن رمضان نثر مسجوع يقول فيه: الصيام حرمان مشروع.. وتأديب بالجوع.. وخشوع لله وخضوع.. وهذا الحكم ظاهره العذاب.. وباطنه الرحمة.. ويستثير الشفقة.. ويحث على الصدقة.. ويكسر الكبر.. ويعلم الصبر.. ويسن خلال البر.
ـ ومن جميل ما نقرؤه لابن القيم في "زاد المعاد" نظرته المستقبلية لرمضان إذ يقول: الصيام حبس النفس عن الشهوات.. وفطامها عن المألوفات.. وتعديل قوتها الشهوانية لتستعد لطلب ما فيه غاية سعادتها ونعيمها وقبول ما تزكو به مما فيه حياتها الأبدية.
ـ وللإمام زين العابدين دعاء رمضاني بليغ الدلالة إذ يقول: شهر رمضان.. شهر الصيام والإسلام والطهور والقيام.. اللهم أعنا على صيامه بكف الجوارح عن معاصيك واستعمالها فيه بما يرضيك حتى لا نصغي بأسماعنا إلى لغو.. ولا نسرع بأبصارنا إلى لهو.. وحتى لا نبسط أيدينا إلى محظور.. ولا نخطو بأقدامنا إلى محجور.. وحتى لا تعي بطوننا إلا ما أحللت.. وحتى لا تنطق ألسنتا إلا بما قلت.. ولا نتكلف إلى ما يدني منك.
ـ هذا هو رمضان يا صديقي.. مبعث الأحاسيس النبيلة قولاً وعملاً.