|


بندر الدوخي
العملاقة لاتسقط
2010-09-02
في الحديث النبوي: إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإنه بركة فإن لم يجد تمرا فالماء فإنه طهور.
ـ وأكثر من مليار ونصف مليار مسلم يتوزعون فوق الكرة الأرضية يحاولون ـ ما أمكنهم ـ الإفطار على التمر.. حتى في البلاد التي لا تنبت التمر.
ـ وما التمر..؟ إنه تمر النخلة التي ورد ذكرها في القرآن الكريم في إحدى وعشرين آية من سبعة عشرة سورة، رمزا للشموخ والصحة والرفاهية.
ـ وقد حبب الرسول صلى الله عليه وسلم إلينا التمر وباركه في أكثر من موضع من أحاديثه الشريفة في مثل أقواله (التمر يذهب الداء ولا داء فيه) (بيت ليس فيه تمر أهله جياع) (اطعموا نساءكم في نفاسهن التمر فإن من كان طعامها في نفاسها التمر خرج وليدها حليماً).
ـ وفي وصيته لجنوده قال عمر بن الخطاب "رضي الله عنه" : ولا تعقروا نخلاً.
ـ والنخلة دخلت تراثنا الأدبي مصدر إلهام.. ورمز عطاء ووفاء وخصوبة وجمال..
ـ فالمعري على ضفاف دجلة يقول:
شربنا ماء دجلة خير ماء
ـ وزرنا أشرف الشجر النخيلا
ـ وأحمد شوقي في العصر الحديث ينظر إلى التمر كأمن غذائي ورفاهية ويقول:
طعام الفقير..وحلوى الغني ـ وزاد المسافر والمغترب
ـ ولازال تراثنا يروي قصة عرقوب مع أخيه وهي تدور حول أهمية التمر..وأهمية التعامل الإنساني.
ـ حتى في الحضارات القديمة كالسومرية والبابلية والفرعونية وجدت النخلة اهتماما كبيرا فعدوها شجرة الخير.. وأدخلوا مواسم تلقيحها في طقوسهم.. واتخذوا من سعفها رمز محبة وسلام.. وعدد لها الكاتب اليوناني "سترابو" فوائد بعدد أيام السنة.
وقال: إنها تزود البابليين بجميع احتياجاتهم ما عدا الحبوب، ويرى بعض المؤرخين أن أقدم ما غرس الإنسان كانت بساتين النخيل.. وظهر ما عرف بفن "البستنة" أي فن تكثير النخيل.. والمادة الستون من شرائع حمورابي تقنن زراعة النخيل وما يتبعه من تأجير وغيره.
ـ إنها النخلة العملاقة المرنة التي لاتسقط أمام أعتى الأعاصير.. وتقاوم أعنف الطقوس.. وتعطي أخصب إنتاج عرفته شجرة.. فقد يصل محصولها السنوي من التمر إلى 400كجم.
ـ والتمر معظمه سكر سريع الامتصاص والهضم بصورة مثالية لا تتجاوز نصف الساعة من تناوله.
ـ إضافة لما يحويه من فيتامينات وأملاح ومعادن وبروتين ودهون..وكلها ضرورية لنمو المخ.. وتنشيط الأمعاء .. وتجديد حيوية الجسم.. ونموه.. ومقاومته للأمراض.
ـ والعرب الذين كانوا يعتمدون على التمر كغذاء رئيسي لم يلاحظ بينهم أمراض سوء التغذية.
ـ ويقول الطب إن من يأكلون التمر هم أقل الناس إصابة بالسرطان، وإن تناول عشرين تمرة في اليوم يوفر للجسم حاجته من الفيتامينات والمواد الأساسية.. وأوصوا به مدرا للبول.. منظفا للكبد.. غاسلا للكلى.
ـ وفي مثل هذا الشهر الفضيل ينصح الأطباء من يشعرون بالتراخي والدوخة وزوغان البصر بتناول التمر عند الإفطار لفائدة سكرياته الطبيعية في إزالة هذه الأعراض.