|


بندر الدوخي
مدرسة 30
2010-09-05
صديقي.. هذا هو رمضان الذي بدأت تتجه شمسه إلى المغيب.
ـ فنحن في بقايا ثلثه الأخير.. وبعد أيام يغادرنا هذا الشهر العظيم.
ـ هذا الضيف السنوي الذي يجيء ليكرمنا وهو الزائر.. فلنكرمه.
ـ هذا الموسم الرياضي الذي تحلم به كل كؤوس العالم وبطولاتها وجماهيرها وملاعبها.
ـ هذا الحاضر النادر في دروس الرحمة والحنان والحب والكرم.
ـ هذا الأب الحنون الذي يحرمنا لنكون أقوى في وجه الدنيا.
ـ هذا الذي ينادي سهرنا إلى محراب مسجد لا إلى صالة قمار.
ـ إنه رمضان الذي ستغيب شمسه الأخيرة بعد أيام.. لتطلع في عام آخر على من أمد الله في عمره.
ـ ورمضان الأحاديث والآثار هو شهر البركة والقرآن.. وفتح أبواب الجنة وإغلاق أبواب النار.. وغل الشياطين.. وغفران ما تقدم من الذنوب لمن صامه بصدق.. وفيه وقاية للإنسان من جهله وشحه وباطله.. بل فيه أبلغ دروس الأمانة والصبر والتحدي..وأرقى أساليب تسامح الخالق مع مخلوقاته.. فالذنوب تغفر والحسنات تضاعف.. وتكاليفه لا تخرج عن نطاق الممكن.
ـ فالصيام ليس مجرد تجويع وتعطيش.. إنه سلوك إنساني سوي..قوة تدفع الإنسان خارج ترابيته سموا.. وتبقيه ضمن ترابية عدالة ومساواة.. وهذه قيمة موحدة وليست مزدوجة وهذا الارتقاء الروحي تكريم إلهي للطين.
ـ ولهذا فالذي تسمو روحه فوق ترابه هو أكثر الناس تواضعا وقناعة وعدالة.
ـ ورمضان الذي يوشك على الرحيل هو أستاذ الأساتذة في هذا المجال.
ـ فهو دورة تربوية تصقلنا لنكون أكثر نظافة وإشراقا.
ـ وهل كرتنا الأرضية إلا في حاجة لإنسان نظيف السلوك والمعتقد؟
ـ ورمضان الذي بدأ يلملم بقايا شموسه لم يأت لنفرش له الموائد الباذخة لبطون متخمة طوال العام.. وإنما ليكون فيها زاد الجائع والفقير وعابر السبيل.
ـ ورمضان لم يأت لنقتحم ليله اقتحاما أهوج دون أن نخطو خطوة إلى صلاة.. أونمد يدا إلى فقير.. أو نرفع ألسنتنا بذكر الله.
ـ رمضان هو البسيط الذي يدخل مدننا الدخانية المكهربة ببساطة بدايات القرن الهجري الأول.. فلا يهاب ضوضاءنا وازدحامنا وتكالبنا على الدنيا.
ـ بل يفتح مدرسة الـ30 يوماً..ليدخلها الأمي ورائد الفضاء وعالم الأجنة والفيلسوف والشاعر والمفكر والخبير .. ويحاضر فيهم هذا القادم من بدايات القرن الهجري الأول.. ويقنعهم ويبكيهم ويجعلهم أكثر قوة.
ـ إنه رمضان الذي ستغيب شمسه بعد أيام.. وهو رحمة الله في أرضه الصاخبة بإنسان يذنب بالثانية.
ـ وقبل رمضان وبعده تتناثر رحمة الله في أيامنا كحبات اللؤلؤ في صلاة وزكاة وحج وصدقة واستغفار.
ـ والله دائما أرفق بعبده.. من عبده بعبده.