|


بندر الدوخي
النجم صائم
2010-09-07
لاعب كرة قدم عربي شهير.. كان فريقه سيخوض إحدى مباريات الدوري.. وكانت المباراة عصراً.. وفي يوم من أيام رمضان.
ـ طلب منه المدرب أن يفطر ليتغذى ويقوى للمباراة فرفض قائلا: أنا بصيامي أقوى.
ـ وتغامز الجهاز التدريبي الأجنبي ورد عليهم في أعماقه قائلا: ستعرفون في الملعب إن الصوم غذاء الأغذية.
ـ ودخل الصائم الملعب عصراً بين هتافات الجماهير وكانت الشمس ساخنة.
ـ بدأ اللعب وكان سجالاً بين فريقين عريقين لهما جماهيرهما العريضة وتنافسهما التاريخي.
ـ كان الصائم هادئاً في بداية اللعب، فوضع الجهاز التدريبي أصابعه على قلبه، فهو أخطر مهاجم أي الورقة الرابحة، وقال بعضهم لبعض بلغة العيون: إنه جائع مكابر، سيسقط فريقنا لو اكتشف الخصم أنه صائم.
ـ وقال المدرب لمساعده: ألاترى أننا أخطأنا بإنزاله إلى الملعب وهو اللاعب الذي فرض على نفسه مجاعة إجبارية.
ـ قال المساعد : لازلنا في بداية المباراة، دعنا نرى إن كنا أخطأنا أم لا؟
ـ وكان صخب الجماهير يملأ أرجاء الملعب مع كل حركة كرة بين الفريقين المتنافسين تنافساً تقليدياً.
ـ ولازال اللاعب الصائم يتحرك بهدوء.
ـ قال المدرب لمساعده: ألا نستبدله.
ـ قال المساعد : لا زالت المباراة في بدايتها، لم يمض سوى عشرين دقيقة.
ـ وكان صخب الملعب يتفجر في رأي المدرب، وإحساسه الداخلي المعلن في وجهه يقول: لقد تورطت بإنزال هذا الصائم.
ـ واللاعب الصائم يتحرك بحذر، وبأسلوب ينبع من أعماقه، والهجمات على فريقه بدأت تزداد.
ـ قال المدرب لمساعده: هذا ما كنت أخشاه، أن يكتشف الخصم أن مهاجمنا الفذ ليس في مستواه وأخشى ما أخشاه أن يكون صائماً منذ الفجر.
ـ قال المساعد : دفاعنا حتى الآن قوي التغطية، لايخشى على مرمانا، امنح الصائم فرصة، ربما يخفي في نفسه شيئاً.
ـ قال المدرب : أثق الآن أنهم اكتشفوا أنه صائم، أي جائع وهزيل بدليل أنهم لم يعودوا يراقبوه، نعم لقد أصبحت ورقتنا الرابحة ورقة مهملة.
ـ قال المساعد للمدرب : لا زال أمامنا نهاية شوط آخر.
ـ التفت المدرب إلى مساعده قائلا: أنت معي.. أم ضدي؟
ـ ابتسم المساعد بإحساس من يدرك صعوبة موقف المدرب قائلا: يا سيدي شيئاً من الهدوء، وثق أن فرقتك التي ما زالت على قمة الدوري لن تخيّب ظنك.
ـ قال المدرب بعصبية: أرجو ذلك.
ـ وانتهى الشوط الأول.. وبين الشوطين كانت نظرات المدرب للاعب الصائم نظرات متهمة، وكان الصائم هادئ الوجه.
ـ وعندما بدأ الشوط الثاني قال المدرب: أخشى أن يستمر هذا الجائع كسولاً، وأخشى أنه في حاجة إلى شيء من الماء الذي تدفق في جوف زملائه وفوق رؤوسهم.
ـ وكان أن فوجئ بهذا اللاعب يتحرك في الملعب كالنمر، ويسدد الأهداف بقوة.
ـ انتهت المباراة بفوز لم يتوقعه المدرب، وحسب له اللاعب الصائم ألف حساب، لم يستنزف طاقته حين كان زملاؤه في قمة حيويتهم، وفي الشوط الثاني تحرك مستغلا ثغرات تعب الخصم، فكان الفوز.
ـ سأله المدرب عن سر هذا التفوق على النفس الذي أفضى به إلى التفوق في الملعب؟
ـ قال : لقد نزلت إلى أرض الملعب وكان الله في أعماقي، فكان معي.
ـ وأطلق المدرب تنهيدته قائلاً: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
ـ ودخل في الإسلام رجل يعرف معنى الحياة، أليس مكسباً رياضياً يجيء من خلال رمضان الكريم.