|


د . رشيد الحمد
الكاراتيه وتنمية الجيل
2013-09-18

تعد الرياضة من أهم المعايير التي يقاس عليها تقدم الشعوب وازدهارها عوضاً عن كونها مؤشراً للصحة الفردية لكل مواطن وجزءاً من نمط حياة الإنسان السليم. والرياضة هي جزء أصيل من أجزاء الجسد المؤسساتي في المملكة. وليسمح لي أصحاب الاختصاص وبالذات أخي الدكتور إبراهيم القناص رئيس اتحاد الكاراتيه الذي قدم جهوداً متميزة في تطور اللعبة وتنميتها بأن آخذ زمام المبادرة بالحديث عن اللعبة حيث ترجح العديد من الأبحاث أن نشأة الكاراتيه كانت في الصين، وتقول أبحاث أخرى أنها بدأت من الهند منذ زمن طويل. حيث كان هناك رجل هندي غني، يفكر دائماً في طريقة مميزة في الدفاع عن النفس لا يستخدم فيها البشر سوى وسائل وهبته لها الطبيعة، فقام بمراقبة الحيوانات، وهي تنقض على فرائسها، وراقب النمور والطيور، وركز على حركات الأرجل والأجنحة، وقام بدراسة مواطن الضعف والقوة في الجسم البشري. بعدها انتقل هذا الفن من الهند إلى الصين بواسطة رجل دين هندي، وفي الصين تطورت وارتقت هذه اللعبة وظهرت أيضاً فنون في السيطرة على العقل وضبط النفس، واستخدام قبضة اليد في صد المعتدين. وتخطو المملكة خطوات حثيثة في التنمية البشرية والرياضة كجزء من منظومة التنمية الوطنية، وتحظى الرياضة بشكل عام في المملكة بمكانة خاصة لدى اهتمام المواطن، بيد أن النتائج التي حصدتها المملكة سابقاً على مستوى الرياضة تتطلب تأملاً حول الخطط الوطنية الرياضية. وعند الحديث عن التطوير الرياضي لايمكن إغفال التركيبة الديموغرافية للمملكة، حيث يقع النشء في بلدنا الحبيب في سن حتى 14 عاماً نسبة 34% من إجمالي السكان بالمملكة،بحسب تقارير مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات. من هنا نطرح عدداً من التساؤلات حول ربط الرياضات في المملكة مثل رياضة الكاراتيه مع منظومة التربية، لما تمثله تلك الرياضة من فن وعلم، لايركز فقط على الجانب الفيسلولوجي البدني، بل يتعدى ذلك إلى جوانب أخرى كالانضباط، وضبط الانفعال، والأدب، واحترام الكبير والحزام الاقدم، والسيطرة على القوة، وتحويل الطاقة السلبية إلى نشاط صحي. وفي المقابل تطورت الصورة النمطية لدى المجتمع في تصحيح حول رياضة الكاراتيه، وأنها تعزز العنف، والحقيقة أن ألعاب الدفاع عن النفس تعزز ضبط النفس والسيطرة على القوة، في منظومة أخلاقية ذات أبعاد ترتقي بالعقل والبدن والنفس. فضلاً عن أن تعليم رياضة الكاراتيه يؤدي إلى تحقيق العديد من الأهداف وتنمية المهارات والصفات الشخصية للممارس، منها تنمية الثقة بالنفس تنمية الجرأة وحب التنافس، تنمية حسن التصرف في المواقف الحرجة، تنمية السرعة في رد الفعل، كذلك تعزز رياضة الكاراتيه في تنمية عدم التردد في إصدار القرارات (حيث إن التأخير في القرار يؤدي أحياناً بحياة الفرد)، علاوة على تنمية قوة الجسم وذلك من كثرة التدريبات والإصابات، تنمية مرونة المفاصل، تنمية إطالة العضلات من الأوضاع والوقفات الواسعة والركلات العالية، تنمية الاتزان.تنمية السعة الصدرية من تمرينات التنفس. لاشك هنا أن التربية أخذت منحى فلسفياً في التعلم من الطبيعة المحيطة،وما تفرضه من تعلم مستمر، وتحاكي لعبة الكاراتيه وجدان الإنسان و كيانه وتكوينه،من ناحية الأخلاق والتعليم لمهارات ضبط النفس والسلوك،وتضيف جانباً إيجابياً لاسيما إذا كان ممارسوها من الطلاب في دعم تحصيلهم الدراسي،نتيجة لسلوكيات الانضباط واحترام الوقت التي يتعلمها لاعب الكاراتيه. ومن جهة أخرى، تقوم لعبة الكاراتيه بتطوير روح التنافس الشريف والأخلاق الرياضية الحسنة، التي تعطي البطل تواضعاً عند الفوز على خصمه وعدم التباهي السلبي بالفوز، لأن فلسفة الرياضة هي بناء الروح الجماعية وتعلم الدروس سواء من الفوز أو الخسارة.ومن هنا جاء تقدير المجتمع للعبة الكاراتيه الذي يبدأ من المنزل في تشجيعهم لأبنائهم الطلاب الممارسين لهذه الرياضة، حيث يستغل النشء وقته في تدريبات مفيدة تعود على صحته بالنفع في حصة تدريبية مليئة بالتعليم والمهارات وكذلك الترفيه. ونتساءل كذلك لماذا لايتم إدراج مثل تلك الرياضات ضمن المقررات الدراسية لدى مناهج التربية البدنية بوزارة التربية والتعليم ليس لتكون ممارسة فقط كناحية عملية، بل أيضا تكوين مهاري ومعرفي وسلوكي يعزز معارف الطالب التربوية،والبدنية،والمعارف الأساسية لجسم الإنسان وعلم التدريب بصيغة مبسطة ومقبولة للنشء، في وقت تسعى فيه الأمم إلى الرقي والتقدم عن طريق الاهتمام بالنشء فهم بناة الوطن ولبنات المستقبل.. والله الموفق.