|


سلطان رديف
صناعة الإعلام
2015-11-08
يتحدثون عن التعصب الرياضي وكأنه أمر محمود ولا أعلم أن التعصب في أي أمر هو محمود بل ويخرج من يقول بكل ثقة أنا متعصب لهذا النادي أو ذاك ولكن تعصبي إيجابي وليس سلبيا، فهؤلاء هم دعاة التعصب، وهذا الخطاب الإعلامي لا يقبل من رئيس ناد، فما بالك من إعلاميين يضعون أنفسهم برتبة النقاد، وكيف لي أنا كمتلقي أن أقبل أي رأي من شخص يدعي التعصب والميول علناً وللأسف أن هؤلاء هم من يتصدرون اليوم المشهد وهم من ينشرون هذا الفكر التعصبي، وعلينا أن نعلم اليوم أن التعصب الرياضي لا يقل ضرره عن أي تعصب آخر خاصة عندما نعلم أن المتلقي هم شريحة الشباب وهم من نزرع فيهم مثل هذا الفكر الذي لا يليق أن يصدر عياناً بياناً.
كنت أتابع في وقت مضى بعض الندوات والمؤتمرات التي وضعت عنوان محاربة التعصب ولكنها في ذات الوقت تستقطب من هم وقود لهذا التعصب في كافة المنصات الإعلامية فأصبحنا نعالج المرض بمفتعله وهذا بلاشك يعكس حجم الازدواجية التي نتعامل بها مع الأحداث في رياضتنا التي تمر هذه الأيام بمخاض عجيب جداً لا تستطيع أن تستشرف مستقبلها، فكلٌ يصدر التعصب على طريقته، بل إن بعض القنوات عندما تبدأ انطلاقتها تسعى لجلب الأكثر تعصباً وصراخاً بحجة البحث عن المشاهد لتؤصل هذا الفكر التعصبي وكان الأفضل في ظل المساحة الشاسعة للرياضة أن تبحث القنوات والبرامج عن تقديم برامج ومحتوى تصنع من خلالها الرأي العام بفكر المعلومة ومواكبة الحدث وتقديم تفاصيل الخبر والتوغل في رحم القضايا التي نعاني منها لنصل لمولود إعلامي متعافي يساهم في صناعة الرياضة وتطورها عملاً وفكراً.
الإعلام وسيلة لابد أن تسخر في خدمة المجتمع وبنائه ورفع مستوى وعيه وثقافته واحترام ذائقته ولكننا للأسف نفتقد للفكر الذي يصنع الفرق في الطرح وتقديم الجديد وتغيير المفاهيم بعيداً عن التقليد والاستنساخ الذي ينتقل من وسيلة لأخرى، ولعل القناة الرياضية السعودية على سبيل المثال عندما لم تقدم محتوى جيدا خلال سنوات ماضية لم تستطع المحافظة على مشاهديها بعد فقدانها لنقل المباريات، ولعل قنوات (mbc) الرياضية عليها أن تفطن لذلك، فالمباريات منتج مشاهد ولكن لابد أن تكون البرامج مبتكرة تقدم للمشاهد ما يبحث عنه ليبقى على تواصل يومي وأسبوعي معها ولا يهجرها بعد نهاية المباراة، فالبرامج التقليدية واعتماد أي قناة على برنامج واحد هو بلاشك بداية الفشل والتنوع مطلوب، فالمشاهد لا يريد كل البرامج فنية، وفي ذات الوقت لم يعد من الصحيح أن نستمع لمن يبحثون عن بطولات شخصية على الشاشة، فالإعلام صناعة .. صناعة للمنتج، وصناعة فكر يصدر، وصناعة رأي عام وثقافة مجتمع والرياضة نسيج ثقافي واقتصادي وفني وقانوني ويجمعها الهدف الوطني، وبهذه الفلسفة نستطيع أن نصنع قالباً إعلامياً يخدم كل الأسس التي تقوم عليها الرياضة ونحقق من خلالها مصالح الجميع.