|


سلطان رديف
إعلامنا يعمل ضدنا
2017-04-02

في الوقت الذي نعيش فيه فرحة وطن بفوز المنتخب السعودي، وقربه من التأهل لكأس العالم، يأتي التافهون المتعصبون لكي يشغلونا بتفاهاتهم وتصفية حساباتهم وتقديم إسقاطاتهم هنا وهناك، من أجل حدث لا يقدم ولا يؤخر، ولا يستحق المناقشة، ولكن لأننا نعيش في عصر التفاهات التي يقدمها إعلامهم الجديد بثوب النرجسية الذي يحقق قاعده (لا أريكم إلا ما أرى)، وجعلوا الآخرين ينجحون في جرهم لنقاش عقيم ممرض؛ فأصدروا (الهاشتاقات) وبدأ كلٌ يغرد على ليلاه، هذا مع وذاك ضد، هذا يمدح وذاك يشتم، فأنسوهم لجهلهم أن هناك منتخبًا أنجز وقطع نصف الطريق نحو النجاح؛ فالمنتخب يفوز وهم يقولون فاز فلان وفلان، وشكراً لفلان وفلان، ولم يقولوا الوطن فاز برجاله؛ فاختصروا الوطن في شخص وشخصين.

 


في الأسبوع الماضي ليس المنتخب وحده أنجز، بل هناك منظومة رياضية أسست لفكر صناعة الرياضة، من خلال مشروع وطني ضخم يبني في كل زاوية من زوايا المجتمع، يصنع ويبني ويؤسس ويثقف ويتبنى ويدعم ويخطط وينفذ، وفي ذات الوقت يراقب ويحاسب، وأصبح لدينا رؤية وهدف وفق عمل ممنهج وبرامج زمنية صنعتها اللجنة الأولمبية؛ لتخرج بثوب جديد تقول فيه: (أنا هنا اليوم لبناء مستقبل مختلف)، ولكننا للأسف مع هذا كله لم نوجه إعلامنا نحو نهضتنا ومنجزاتنا، بل وجهناه ضدنا وضد من يعمل من أبناء هذا الوطن؛ لأن هناك من يحمل الجهل فكراً وكلمة وفعلاً، ينقادون نحو التفاهات ويغضون البصر، وتجف أحبارهم أمام العمل، ليس لأنهم لا يبصرون ولا يشاهدون ولا يسمعون، بل لأنهم متعصبون يقتاتون على حنظلة التعصب.

 


رياضتنا اليوم تعيش نهضة جديدة، تجتمع فيها أركان الدولة دعماً وتحفيزاً، تمتد في كل اتجاه رياضة مجتمعية وأخرى تنافسية وترفيهية، استثماراً وتعليماً وثقافة في الفرد والمجتمع في الممارس والهاوي والمحترف، أليس هذا ما كنا نطالب به وندعو إليه؟! فلماذا ننشغل بتفاهات تتصدر برامجهم وجدالاتهم، ذلك لأنهم لا يجيدون صناعة الحضارة، ولا مواكبة التطور، بل هم منجزون في صناعة الجهل والتعصب على منابر لا بد اليوم أن تواجه بحزم وقوة، متى ما أردنا أن نصنع واجهة تساهم في صناعة رياضة هذا الوطن، فلا يمكن بعد كل هذا العمل أن نسمح لقلة بأن توجه إعلامنا ضدنا في الوقت الذي نريد من إعلامنا أن يساهم في هذه الصناعة وإبرازها وإثرائها بالنقاش والحوار في ساحة الفكر، بعيداً عن ساحة الجهل والجهلاء الذين لن يكون لهم منجز إلا إعادتنا لزمن الجاهلية؛ فنحن اليوم لا نُصدر الشكل الصحيح لحضارتنا الرياضية وتاريخها، فلا يهمني اليوم أن تنجح اللجنة الأولمبية على سبيل المثال في تحقيق 80 ميدالية، ولكن ما يهمني أننا وضعنا العربة في الطريق الصحيح وشبابنا وشاباتنا وجدوا من يحتضنهم ويهتم بهم، ويقول لهم إن الرياضة صناعة وفكر وثقافة وتعليم وصحة وأمن واقتصاد وحضارة، والثمار ستخرج مع أجيال تتشرب هذا الفكر وتمارسه يومًا بعد يوم؛ فهذا هو رأس المال المنتج.