|


سلطان رديف
التشكيك والإحباط
2017-04-30

 

ما هي رسالتي في الرياضة؟ هذا هو السؤال الذي أطرحه على نفسي قبل كتابة كل مقال؛ لأني مؤمن أن هذا العمود بكلماته وأحرفه وحبره وورقة، رسالة وأمانة ومسؤولية، وأتخلى عن كل العواطف وألبس جلباب مجتمعي ووطني، وأحاسب نفسي على كل كلمة، وأجتهد لكي أضعها في مكانها وسياقها لتصل إلى هدفها، وكل منا مطالب بأن يستخدم لغة النقد في البناء.

 

المؤلم أن يُستغل النقد أحياناً للتشكيك والإحباط والتشفي والتَشَمُت في الآخر، سواءً ككيانات أو أشخاص، وأنا اليوم لا أدعي المثالية ولا أطالب بها، ولكن علينا أن نتحمل المسؤولية، فليس هناك كمال لا في العمل ولا في الأشخاص، وكل منا لديه سلبياته وإيجابياته، ولكننا بنيان واحد، كل منا يُكمل الآخر، فتلك ثقافة يجب أن نتحلى بها ونعمل من خلالها.

 

نحن نملك ثروة الرياضة، صناعة واقتصاداً وترفيهاً وثقافة وأمناً وصحة، ونحتاج إلى أن نوظفها بالشكل الصحيح، وسأضرب أمثلة بسيطة.

 

ففي مجال الإعلام نملك إعلاماً رياضياً في كل صحيفة وقناة، ولدينا جيش من الإعلام الرياضي، ونملك متابعة واسعة ليس على النطاق المحلي فقط، بل الخليجي والعربي، ومع ذلك نتفنن في جلد الذات ونقدم محتوى ضعيفًا ونعشق التكرار، وحتى هذه اللحظة لم نستطع أن نستثمر النقل التلفزيوني، بل لم نستطع أن نقدم محتوى جذاباً لملايين المشاهدين محلياً وخارجياً، وأن نستقطب القيادات الرياضية على شاشاتنا ومنصاتنا، بل هناك من يصنع لنا الأزمات معهم، ويجهل إعلامنا مفاصل القوى التي نتمتع بها، ويفترض أن نفرضها على مخرجات إعلامنا لكي نبرزها ونجعلها ذات تأثير.

 

وعلى المستويين العربي والإسلامي، نقود الاتحاد العربي لكرة القدم واتحاد اللجان الأولمبية واتحاد التضامن الإسلامي منذ سنوات طويلة، وهذا فيه قيمة عربية وإسلامية عالية جداً، نستطيع من خلالها أن نبني علاقات أوسع وأعمق مع كافة المجتمعات العربية والإسلامية، ونزرع الحب والتقدير والانسجام فيما بيننا، ونجمع من خلالها الكلمة والصف؛ فالرياضة حضارة وسياسة صاحبة أثر عميق.

 

وعلى مستوى الاقتصاد، نملك الأندية الأكثر جماهيرية في المنطقة والسوق الشرائية الأكبر والاستثمار والتسويق الرياضي الأنجح والأكثر نمواً، ولا توجد لدينا البيئة التي تدعم وتحفز وتحمي، ولا تزال أنديتنا تغرق في الديون وتستقبل العقوبات دولياً؛ لغياب القانون والنظام الذي يضبط البيئة.

 

وعلى صعيد المجتمع الذي يسوده الشباب بنسبة تفوق 65%، ويرى في الرياضة متنفسه وترفيهه، يحتاج إلى أن نقدم له فكراً مختلفاً في صناعة الرياضة ممارسة وترفيهاً، يستثمر بها وقت الفراغ ويحسن بها صحته ونغذي من خلالها العقل ثقافة ووعياً، ونحمي بها أمن المجتمع عندما يفجر شبابنا طاقاتهم الذهنية والبدنية والإبداعية في ملعبها في ظل تنوع سكاني وجغرافي يستوعب التنوع كماً وكيفاً.

 

مشكلتنا تكمن بأننا لم نستغل طاقاتنا بالشكل الإيجابي الصحيح، وأهدرناها في زرع الإحباط والتشكيك بلغة التعصب.