|


هدى الطويل
التغريبة الهلالية
2017-04-30

"يقول الهلالي والهلالي سلامة 

شوف الفجوج الخاليات تروع

يقول الهلالي والهلالي سلامة

أنا طامعٍ وأثرِ وراي طموع"

"أبو زيد الهلالي"

 

 

في التغريبة التاريخية المعروفة بـ "التغريبة الهلالية"، والتي تحكي سيرة إحدى الملاحم العربية الكبرى "سيرة بني هلال"، أولئك العرب الرُّحل من شبه الجزيرة العربية وحتى تونس الخضراء، تتشكل واحدة من أعمق القصص التي قامت على مبدأ رفض الزمن الحسي في حينه.

 

تتشابه "التغريبة الهلالية" كما يرى العديد من المؤرخين، مع كثير من خصائص "إلياذة هوميروس"، حيث قامت الأولى بسبب غضبة "سلامة بن رزق" أو المعروف بأبي زيد الهلالي، فيما قامت تلك النسخة اليونانية وهي الأقدم بطبيعة الحال؛ بسبب غضبة الفارس "أخيل".

 

تشكلت السيرة الهلالية من عدة مراحل حتى بلغت منتهاها، وكانت "التغريبة" تتعلق بتلك المرحلة التي وقف فيها بنو هلال على أسوار تونس لأربعة عشر عامًا متواصلة.

 

في التغريبة الهلالية الرياضية، أو التغريبة المحلية، وقف الهلاليون لخمسةِ أعوامٍ على أعتاب بطولتهم المفضلة، "بطولة الدوري"، منتظرين تحقيقها. خمسةُ أعوام هي عمرٌ طويل في عرف الهلاليين، حتى استحقت أن توسم بـ "التغريبة".

 

نجح "بنو هلال" في نهاية المطاف في دخول تونس، كما ظفر "الهلاليون" في نهاية تغريبتهم ببطولتهم المحبوبة، والتي استحقوها عن جدارة.

 

عادةً قوى الرفض في أي مجتمع، والتي تقف في لحظات تاريخية مفصلية، موقف الرفض لزماناتها الحسية في حينه، تفعل ذلك أملاً بالعودة التاريخية إلى ما يسمى بـ "الزمان الكبير"، حيث تدرك هذه المجتمعات أنه لا بد من العودة إلى زمن الأصول، وتقاوم كل محاولة تاريخية مستقلة يراد منها الدخول في تاريخ لا يحكمه نظام "النماذج الثابتة"، تقاومه وتدفع بعدم القبول به، وهي نزعة تميل إلى المحافظة، وتختص بأولئك المؤمنين بعظمة إرثهم التاريخي، أو كما ذكرنا "زمانهم الكبير".

 

فعلها الأبطال الهلاليون، وخلعوا عنهم رداء "تغريبتهم" وعادوا حيث "زمانهم الكبير"، بيد أنهم لم يكونوا لوحدهم على الصعيد المحلي الذين عايشوا سنوات تغريبة خاصة بهم، فهناك من الأندية أيضًا من لا يزال يعايش بدوره سنوات تغريبته الخاصة مع بطولته المفضلة، كما هو حال الاتحاديين وبطولتهم الآسيوية. تلك البطولة الغائبة عن الخزائن السعودية منذ 2005، والتي لن يحققها أيُّ نادٍ سعودي، قبل أن يفك الاتحاديون ارتباط سنوات "تغريبتهم" معها. تلك "التغريبة الاتحادية" التي تشبه تغريبة "إياد أبو الشامات"، والتي أسماها لحظة تعبٍ شامية.. "غدًا نلتقي"!.