|


سلطان رديف
وطن الجسورين
2017-05-07

 

بناء الأجيال لا يأتي ولا يتم ولا يكون من خلال دعوات سريعة، بل هو عمل مضنٍ يحتاج إلى سنوات، حتى يصل إلى جيل من العمالقة بالعلم والعمل والإنجاز، وبناء النفوس يكون بالتأني، لبنة لبنة، حتى يصاغ البناء على أكمل وجه. وتغيير المفاهيم والعادات والثقافة العامة داخل المجتمعات، لا يولد صدفة ولا يتغير بكلمة، بل هي تراكمات من جيل إلى جيل، وتبديل القناعات لا يتم بمحاضرة، بل يحتاج إلى نتاج عمل على أرض الواقع؛ لذلك كان ولا يزال بناء الأمم والحضارات والثقافات من أكبر الأعمال وأكثرها تأثيراً وعمقًا؛ لأنه عمل لا يقوم به إلا رجال تعلو هممهم، جسورون على عقبات الطريق نحو النجاح.

 

لا حديث اليوم إلا للوطن وعن الوطن وبشاراته؛ لأن وطننا اليوم يبني أمة المستقبل، ونحن أمة تاريخها وآباؤنا من قبل أثبتوا أنهم صناع حضارات لقرون طويلة، ونحن هنا أبناؤهم وأحفادهم وخلفاؤهم، والأرض أرضنا والتاريخ تاريخنا وشبابنا وشاباتنا هم أهل للثقة، وقادرون على صناعة ذلك المستقبل الذي يخطط له وطننا، ولا يهمنا ولا نلتفت لأبواق تسوق السوداوية، تشكك وتنخر وتبث الشائعات وتزرع العداوة، فقد عجزت لسنوات عن أن تخترق عقيدة هذا الشعب، ولا يزال هذا الوطن ـ بشعبه وولاة أمره ـ عصياً عليهم، يداً واحدة وبنياناً واحدًا لا ينفك، يطبقون قول الرسول الأمين الذي خرج من أرضنا يعلمنا أننا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، وإذا اشتكى منا عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.

 

على شبابنا وشاباتنا أن يعلموا أنهم أبناء هذه الأرض المباركة، التي اختارها الله لتكون مهبط وحيه ومنطلق رسالته، فيها أطهر بقاع الأرض مكاناً وزماناً، وأن من آبائهم وأجدادهم عظماء صنعوا التاريخ والحضارات في كل العالم، وأن أرضهم أمنها أمن للعالم، وأن اقتصادها استقرار للعالم، وأن العلم سلاح والعمل صناعة والجهد ثمرة لكم ولأبنائكم وأحفادكم، وأن الوطن أمانة في أعناقنا جميعاً.

 

ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان هو من شباب هذا الوطن، استنهض الوطن فكراً وحراكاً وعملاً، رؤية وتحولاً، فكان ولا يزال مثالاً لشبابنا الذي متى ما اجتهد عمل، وإذا عمل أنتج طاقات تفجر خيرات الوطن في كل اتجاه، بناءً وصناعة، تعليماً وأمناً واقتصادًا وصحةً ورياضةً وثقافةً وترفيهاً، والفرص اليوم تفتح أبوابها في كل اتجاه على طول الوطن وعرضه؛ فاستغلوا الزمان والمكان والرؤية والتحول لمستقبل نبني فيه وطناً مختلفاً؛ لنصبح كما قال الأمير خالد الفيصل في "الصف الأول من العالم الأول". وأختم بقول ووصية الدكتور غازي القصيبي لشباب هذا الوطن: "لا تنظروا للضباب والغيوم، وعليكم بالنظر للشمس التي تشرق كل يوم، ويجب أن يكون لدينا أمل، وقبل ذلك إيمان بالله وثقة بأنفسنا وبوطننا وشبابنا وبناتنا، وأننا أبناء وأحفاد من نشروا الحضارة في ثلاثة أرباع العالم، وأن هذه الجذوة لم تمت".