|


وحيد بغدادي
سلملي.. عـ(البذنجان)!!
2017-05-08

الأمير بشير الثاني الشهابي الكبير، هو أحد أمراء جبل لبنان من آل شهاب، الذين حكموا المنطقة من سنة 1697 حتى 1842. ويُعتبر أحد أشهر الأمراء في تاريخ لبنان وبلاد الشام عمومًا، تمّ تعيينه من قبل العثمانيين. وحكم الأمير بشير الثاني جبل لبنان خلال الربع الأخير من القرن الثامن عشر، وصولاً حتى منتصف القرن التاسع عشر، وقد عاصر فترة ضعف وعجز الدولة العثمانية، وازدياد الأطماع الأوروبية فيها والتدخل في شؤونها.. ومن أبرز الأحداث التي شهدها لبنان في عهده: الحملة الفرنسية على مصر وفلسطين، خلال عهد الوالي أحمد باشا الجزار، والحملة المصرية على بلاد الشام، والمعارك العديدة التي خاضها الجيش المصري مع الجيش التركي؛ للسيطرة على سوريا الكبرى.. وانتهت فترة حكمه بالتحالف مع محمد علي باشا والي مصر ضد الدولة العثمانية، وبانهزام المصريين نهاية المطاف، غادر الأمير إلى المنفى في لبنان، وكانت تلك نهاية الإمارة اللبنانية "الأصيلة".. وليست هذه المقدمة هي محور مقالي اليوم، ولكن ما لفت انتباهي ما سجله التاريخ من طرائف عن ذلك الأمير.



ومنها ما يروى أن الأمير بشير الشهابي قال لخادمه يوماً: نفسي تشتهي أكلة الباذنجان.. فقال الخادم: الباذنجان!! بارك الله فيك يا مولاي هو سيد المأكولات، لحم بلا شحم، سمك بلا حسك، يؤكل مقلياً، ويؤكل مشوياً، ويؤكل محشياً، ويؤكل مخللاً، ويؤكل مكدوساً.. فقال الأمير: ولكنني أكلت منه قبل أيام فنالني منه ألم في معدتي.. فقال الخادم: الباذنجان يا مولاي.. لعنة الله على الباذنجان.. فإنه ثقيل غليظ، نفاخ، أسود الوجه!! فقال له الأمير: ويحك!! تمدح الشيء وتذمه في وقت واحد.. فقال الخادم: يا مولاي.. أنا خادم للأمير، ولست خادمًا للباذنجان، إذا قال الأمير "نعم" قلت له: "نعم"، وإذا قال: "لا".. قلت: "لا".



وما أكثر الباذنجانيين في أيامنا هذه، ممن ينافقون ويداهنون هذا على حساب ذاك، ولو داسوا على قيمهم ومبادئهم على حساب الحقيقة.. ولو قلبوا الأمور رأساً على عقب.. حتى لو ظلموا أناسًا على حساب آخرين.. المهم أن يرضى "المعزب".. وحتى لو كانت كذبتهم تبلغ الآفاق لا يهم!! المهم أن يرضى "فلان" على حساب "علان".. وباتت ساحات التواصل الاجتماعي اليوم مليئة بالأكاذيب والتدليس والتضليل والخداع.. والهدف هو المصالح الشخصية والمحسوبيات، حتى لو تم خداع الجماهير الرياضية من المتابعين الرياضيين لا يهم.. الأهم أن يرضى كبيرهم.. وما أكثرهم اليوم في الإدارات والدوائر الحكومية والقطاعات الخاصة.. إلا أنهم في الوسط الرياضي أكثر بكثير مما كنت أتصور.. والمؤلم أنهم رغم أكاذيبهم، إلا أنهم يجدون من يمرر لهم هذه الأكاذيب ويسلم لهم عقله وتفكيره ويصدقهم، بل يدافع عن هذه الأكاذيب بشراسة.. وعلى قول إخواننا "المصريين": سلملي.. عـ(البذنجان).. والمعنى في بطن الشاعر!!.