|


سلطان رديف
روح المسؤولية ضالتنا
2017-05-14

الحياة بطبيعتها، مجموعة من التجارب والخبرات والدروس التي من خلالها نستطيع أن نبني للمستقبل، والكل يعلم أنه لا يوجد عمل من دون أخطاء، ولا نجاح من غير تجارب، ولا تطور من دون دروس مستفادة من الماضي، بل إن العقل لا يكتمل والحكمة لا تتولد إلا من كثرة الدروس والتجارب في مشوار الحياة، وتجاهل ذلك وعدم الاستفادة من تجارب الحياة ودروسها، يعني تكرار الأخطاء والأزمات.

 

عندما أراجع التاريخ الرياضي القريب والبعيد، فلا شك أنني أنظر إلى مشوار كبير من العمل والجهد، فيه فترات صعود وهبوط، ولكننا ولله الحمد حققنا الكثير من النجاحات والنتائج، وقدمنا تاريخًا مشرفًا للرياضة السعودية، من خلال شبابها وقادتها، والنجاح لا يعني بتاتاً أن تغير الخارطة لتبني مجداً خاصًّأ، ولكن النجاح هو أن تستفيد من إرث الماضي لتبني عليه حضارة المستقبل.

 

في الإدارة الرياضية على سبيل المثال، لم نتعلم من تجارب الماضي على المستويين القاري والدولي؛ لذلك نشاهد في السنوات الأخيرة أن من يتصدر المشهد، يحاول أن يبعد كل القيادات والشخصيات التي عملت لسنوات، والبحث عن شخصيات جديدة، وهذا يعني العودة إلى نقطة الصفر، ولكنه لم يفكر في تدعيم القيادات الحالية بقيادات شابة، تسير في الطريق وتتعلم حتى تأتي فرصتها، فليس هناك عمل ممنهج، بل رغبات شخصية أثرت على تمثيلنا الخارجي، فلم نتعلم أننا أخطأنا عندما تركنا رجل الرياضة عبد الله الدبل وحيداً في المحافل الدولية، وعندما خسرناه لم نجد البديل المناسب الذي يستطيع أن يكمل المشوار، ولم نستفد من الدكتور صالح بن ناصر الذي يعتبر تاريخاً، ولاعباً ذا خبرة في المحافل الدولية، ورجل علاقات من الطراز الأول بحكمته وحنكته وخبرته.

 

وفي الجانب الإعلامي، الذي يقوم على أساس تراكم الخبرات، أبعدنا كل رجالات الإعلام الرياضي الذين حققوا الكثير من النجاحات وساهموا في بناء الإعلام الرياضي السعودي بكل منصاته، ليكون الأقوى، وصدرنا من جعلوا التعصب الرياضي شهادة نجاح؛ فأصبحنا اليوم أمام ثقافة ترى أن التعصب هو تذكرة المرور للوصول لأي منصة إعلامية؛ فاستفحل التعصب في كل زاوية من زوايا إعلامنا، حتى أصبحت السيطرة عليه مهمة جسيمة تشكل لها اللجان على أعلى مستوى.

 

وعلى مستوى الأندية تجاهلنا الهدر المالي لسنوات، حتى أصبحت أنديتنا تعيش رعب الديون والعقوبات الدولية؛ ففي زمن عشرات الملايين تسيدنا آسيا، وفي زمن مئات الملايين أصبحنا نراها صعبة قوية على أنديتنا ومنتخباتنا، بل تُحرم من المشاركة القارية؛ فنحن اليوم نعيش زمن المال ولكننا نفتقد المال؛ لأننا فقدنا العقل الذي يديره والنظام الذي يحكمه.

 

رياضتنا اليوم أكثر استعدادًا للتغيير والتطوير وتحقيق نجاحات أكبر، كيف لا وهي تحظى بأكبر دعم وأكبر ميزانيات، واستثماراتها تنمو بشكل أكبر وتتسع، ولكننا نحتاج إلى خبرات وعقول تحمل في نفوسها روح المسؤولية.