|


أحمد الفهيد
يريدون منا أن نخاف: "اسكتوا"!
2017-06-24

"قرار زيادة عدد اللاعبين الأجانب لفرق الدوري الممتاز هو من بنات أفكار صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد"، هذا ما قاله رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم عادل عزت، وأنقله "حرفياً" كما نشره موقع اتحاد اللعبة على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر".

 

هذ التصريح الذي أدلى به الرئيس، بعد ساعة من انتهاء المؤتمر الصحفي الخاص بإعلان قرار "الزيادة"، وقرارات أخرى، له تفسيران (كما أفهم)، فإما أنه يريد منا أن "نسكت" عن مناقشة القرار، وإبداء سلبياته ومساوئه ونقاط ضعفه، بحجة أنه قرار "ولي العهد"، وبالتالي هو غير قابل للجهر بأي وجهة نظر عنه، وإن كانت تحمل في تفاصيلها ما يستحق الانتباه، والإنصات، والتفكير .. أو أنه أراد التنصُّل من مسؤولياته باكراً، والخروج من "دائرة الانتقادات" التي يمكن أن توجه إليه وأعضاء مجلس إدارته، من دون أن تصيبه وتصيبهم طعنة سيفٍ مصنوع من بقايا "ملاعق بلاستيك"!.

 

فإن كان الرئيس، سعى لإسكاتنا "تخويفاً لنا بما لا يملك سلطة عليه"، فقد أرتكب خطأ كبيراً، لأن ولي العهد والمجد، وقائد رحلة التحول والتغيير، وعقلها المُدبر، يوافق على انتقاد أدائه هو شخصياً، ويقبل أن يناقش ملاحظات المراقبين، والمحللين، وكتَّاب الرأي .. بل ويذهب إلى أبعد من ذلك، بإلغاء فكرة، أو إيقاف مشروع، أو التراجع عن برنامج (حين يتأكد له أن نتائجه ستكون عكس المُبتغى، أو أن المربع الذي وضعت عليه خطوات البداية لم يكن المربع المناسب للبدء).

 

بل إن الملك الشهم، المُهاب، عظيم القدر، سلمان بن عبدالعزيز، قال لنا وعلى ملأ "رحم الله من أهدى إليَّ عيوبي، إذا رأيتم شيئاً يضر بالمواطن (فرداً أو قبيلة)، أو ببلدة، أو بأي شيء كان، فإن أبوابنا مفتوحة، و"تلفوناتنا" مفتوحة، وأذاننا مفتوحة، ومجالسنا مفتوحة لكم"، قال الملك الشجاع أيضاً "يستطيع أي مواطن سعودي رفع دعوى قضائية ضد الملك أو ولي عهده، أو أي فرد من أفراد الأسرة الحاكمة".

 

ولهذا السبب، أكتب رأيي وأقوله وأسهب في شرحه لمن يرغب في التفاصيل، يقيناً مني بأن هناك من يقرأ ويسمع ويستوعب، أفعل ذلك بلا خوف، ولا تردد، ولا مواربة.

 

أما إن كان "الرئيس الجديد" قال ما قاله تنصُّلاً من المسؤولية، وخوفاً من مواجهة الحشود، والنتائج السلبية لو حدثت لاحقاً، فقد ارتكب "جُرماً" كقائد، نفترض فيه ومن معه أن يكونوا على قدر ثقة الجمهور والعاملين في القطاع الرياضي "كرة القدم تحديداً".

 

ليس لائقاً أبداً أن يعقد اتحاد القدم مؤتمراً صحفياً، ويعلن عن قرار كبير كهذا، ثم يفاجئنا الرئيس بقوله إن هذا القرار ليس فكرتنا، وإنما هو فكرة ولي العهد!

وكأنه يقول لنا "لسنا مسؤولين عنه، نفذنا ما طُلب منا تنفيذه". 

 

كتبت هنا في "الرياضية" الثلاثاء الفائت مقالاً بعنوان "قصتان قصيرتان عن غسل العار"، ذكرت فيهما رأيي عن زيادة عدد اللاعبين الأجانب، وأنه قد يقضي على المنتخبات الوطنية (وسط شُح البرامج التدريبية التي تنهض بالفئات السنية، وتلزم الأندية بتطوير مخرجاتها، ورعايتها) وعرضت في المقال نفسه تجربتين، واحدة أوروبية (في ألمانيا)، وأخرى آسيوية (في الصين) وكلاهما كان يبحث عن رفع مستوى اللعبة واللاعب المحلي، من أجل الإبقاء على المنتخبات الوطنية في دائرة التنافس، أو إعادتها إليها، أو الدخول بها في هذه الدائرة الفاخرة .. واليوم سأضيف معلومتين عن التجربة الصينية التي ينشط سوق كرة القدم فيها بشكل جنوني، وتضخ منها وفيها أموال لا تُحصى! ما دفع اتحاد الكرة الصيني إلى البدء في وضع قواعد للحد من قدوم اللاعبين الأجانب للدوري المحلي، وعرقلة تطور اللاعبين الصينيين.

 

ففي إطار مساعيها للتحول إلى قوة عالمية كبرى في عالم كرة القدم، قررت الصين إرسال منتخب البلاد تحت 20 عاما للمشاركة في إحدى دوريات المقاطعات الألمانية في الموسم المقبل من أجل أن يكتسب اللاعبون الخبرة اللازمة ومن ثم تقديم مستوى جيد في دورة الألعاب الأولمبية 2020 في طوكيو، وستقام مباريات الفريق الصيني في إطار ودي مع هذه الفرق، ولن يكون لها أي تأثير على جدول ترتيب البطولة، حيث من المقرر أن يتقاضى كل ناد مقابل خوض مباراتين في كل موسم أمام الفريق الصيني 15 ألف يورو (16 ألف و700 دولار، 63 ألف ريال سعودي) لكل لقاء.

 

هل فعلت الصين شيئاً آخر من أجل إيقاف تدفق اللاعبين الأجانب؟!.. نعم، فرضت ضريبة 100% على تعاقدات اللاعبين الأجانب، وسيتم تطبيق تلك الضريبة بداية من فترة الانتقالات الصيفية المحدد لها يوليو المقبل، وقال الاتحاد الصينى لكرة القدم إنه اتخذ هذا القرار لمنع الأندية من عقد الصفقات الضخمة مع اللاعبين الأجانب، وإجبارهم على تجهيز أجيال جديدة من اللاعبين المحليين خلال فترة قصيرة. 

 

القرار السعودي صدر، وعدد الأجانب ارتفع إلى 6، والاستعانة بالحارس الأجنبي أصبح قراراً رسميا، ولن يساعد هذا كله في شيء سوى تقليص رواتب المحليين وخفض عقودهم، وسيُصرف ما يتم توفيره منها في صفقات أجنبية .. ولننقذ الأمر، يجب أن يلعب السعوديون خارج البلاد (وهذه أشك في حدوثها)، وأن نمنح الفئات السنية حصة كبيرة من المال، والوقت، وخطط الرعاية والتدريب والتأهيل، أن نفكر لهم في برامج تنفعنا وتنفعهم. 

 

أخيراً : يمكن أن تكون كرة القدم مصنعاً يُدرّ المال، لكنها يجب أن تكون قبل ذلك مصنعاً يُدرّ اللاعبين .. هذا المصنع إن لم يستفد من إنتاجه اللاعب المحلي ومنتخب البلاد .. "أغلقوه".