|


سعد المهدي
قناة الجزيرة.. الحمل الكاذب
2017-07-06

ليس هناك أكذب من قناة الجزيرة الإخبارية وإن صدقت، ولا أقبح منها وإن تزينت، لا يوجد صحفي ضد حرية التعبير، ومن ذلك يمكن لأي منهم أن يجيب من حيث المبدأ إن سألته بنعم، لكن الجزيرة في استماتة للدفاع عن كذبها، تكذب أيضًا عندما تضفي على نفسها نعمة تمتعها بحرية التعبير ادعاءً لا حقيقة، وتزييف تزكيتها من إعلاميين بجواب نعم لحرية التعبير وتجييره لنعم نحن مع الجزيرة؛ لأنها منبر حرية االتعبير!! 

 

لن يفيد دخولنا في جدال إن كانت هذه القناة تملك حريتها في الأساس، قبل أن تمنح الحرية للآخرين؛ لأن الأمر لا يمكن أن يخلو أيضًا من كذب آخر لا يخدم إلا طرفًا يريد أن يظل الحال كما هو عليه، ولأنه أيضًا يصب في مصلحة أهداف من يرعون أم الكذب "الجزيرة"، لكن ذلك في طريقه أن ينتهي أو أنه انتهى بالفعل؛ فنحن في حالة فصل بائن بين من كانوا في حالة اليقين بكذبها منذ الوهلة الأولى، ومن كانوا مترددين، أما من كانت تستهويهم لأغراض في أنفسهم فلا فائدة منهم في الحالين.

 

تسخير المباح ليخدم الفعل الحرام، لا يعني أنه صار حلالاً، ومن ذلك فإن صناعة تقرير صحفي تلفزيوني باستخدام حقائق، ثم العبث بمحتواه بقصد قلب الحقيقة إلى باطل أو الباطل إلى حقيقة، من خلال اجتزاء وتقديم وتأخير للمعلومات، واختيار مفردات معينة وأشخاص تم انتقاؤهم، وسبكه بلغة متفردة وصوت يجسد كل كلمة فيه، وإخراجه بتقنية وحرفية عاليتين، وفعل ذلك مع أي من قوالبها التلفزيونية الأخرى، عمل مباح فنيًّا، لكنه إعلاميًّا مجرم ومحرم ولا علاقة له بأداب وأخلاقيات المهنة، ويفتقد المصداقية، ويهزأ من حرية التعبير ومن جمهور المتلقين.

 

قناة الجزيرة أو غيرها يمكن لها أن تختار السياسة التحريرية التي تريد، وتقف مع وضد من تشاء، بشرط ألا تدعي أنها حرة أو تعبر عن الحرية، لكن الجزيرة تجاوزت ذلك الهوس إلى هيستريا الظن أنها تؤثر في العالم وتتحكم في وجدان شعوب المنطقة، وتصنع الأحداث السياسية فيها، وتشارك في صناعة القرارات، هذا الانتفاخ حمل كاذب بعد مضاجعتها لخليط من شياطين الفكر التآمري ومخلفات سياسيين وأكاديميين ورجال دين لفظتهم مؤسساتهم وانقطعت مصالحهم في ديارهم؛ فكان لـ "شن" الهائم على وجهه أن وجد في الدوحة "طبقه"، ولا أظن أنه لزامًا على أحد بعد ذلك أن يأخذ الادعاء من قبلهم بحرية التعبير على محمل الجد.

 

هذه القناة تدلس حتى في الثابت والمستقر حين تريد فرض محتواها الفاسد المؤدلج التخريبي، على أنه معنى من معاني حرية التعبير والرأي، مع أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 1948م، المادة 19 يقيد ممارسة حرية الرأي والتعبير بضرورة احترام حقوق وحريات الغير وحماية النظام العام والمصلحة والأخلاق العامة، على مستوى الأفراد والصحافة لخلق التوازن بينهما، ليس ذلك فحسب، بل إن قناة الجزيرة "الطاووس"، لا تريد أحدًا أن يرى إلا ما تراه، حيث احتكرت بديكتاتورية فجة التوصيف والتعريقات وسكت المصطلحات، فهي من تحدد من هو الشهيد أو القتيل أو المجاهد والإرهابي والوطني والخائن والانقلابي والشرعي.. إلخ، وكله فيما يعزز من منهجها ويعين إستراتيجيتها ويحقق أهدافها.. مهنية الإعلام وحرية التعبير والرأي رماد لذره في الأعين ليس إلا!!