|


أحمد الفهيد
قصة قصيرة: استقال أم أُقِيل.. أم "استُقيل"؟!
2017-08-29

"١"

هذه المرة لن أقول شيئاً، سأحتفظ برأيي لنفسي، وسأكتفي بدلاً عن ذلك بنشر بعض الاقتباسات مما قاله آخرون عن الحكام والتحكيم، وسأحاول أنا وأنتم معاً فهم شيء مما يحدث، هذا الفهم سيسهل علينا معرفة الحقيقة التي صار إخفاؤها أمراً في منتهى البساطة، ويُمارس مراراً وبوجه بشوش.

 

"٢"

في حملته للفوز بمنصب رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم، وعد عادل عزت "وأنقل ذلك نصاً من مدونته الانتخابية" بتعزيز مكانة التحكيم في دوري جميل السعودي، والمسابقات الأخرى، وأنه وفريقه سيختارون "من قبل لجنة مختصة من الخبراء" مجموعة منتقاة من الحكام السعوديين الواعدين للاستفادة منهم من خلال التدريب المتواصل ورفع الكفاءة وفق أفضل الممارسات الدولية، سيتم الاختيار على أساس الجدارة؛ والنظرة الفنية البحتة، وتدريبهم على تحسين لياقتهم؛ وسيتم تقييم أدائهم بموضوعية بعد كل مباراة، وسيكون الاختيار من بينهم، بشكل تنافسي، لأفضل أربعة حكام، بعد إجراء تقييم مستقل لأدائهم، وستبرم معهم عقود عمل بدوام كامل سعياً إلى إحداث تحول إيجابي في معايير التحكيم.

وذكر أيضاً، أنهم سيضعون تصنيفاً جديداً لجميع المسؤولين عن المباريات بناءً على مستوى أدائهم وكفاءتهم وليس عدد سنوات خبرتهم، وسيقدمون التدريب المتخصص في كل المستويات؛ وسيوفرون أدوات لمتابعة معدلات التقدم عبر الإنترنت وطرح المعلومات ذات الصلة وتداولها؛ ومعايير محددة وواضحة للترقيات وإعادة التصنيف.. أما طموحهم في المستقبل فهو إنشاء أكاديمية وطنية للتحكيم لاكتشاف الموهوبين وتطويرهـم ووضع خطة واضحة المعالم وتنفيذها.

 

 "٣"

في مقابل ذلك، ما الذي حدث؟!..

لنقرأ هذه القصة القصيرة معاً:

نشرت صحيفة "الرياضية"، على صفحتها الأولى خبر استقالة نائب رئيس لجنة الحكام "الحكم الدولي السابق" مرعي العواجي من منصبه، وجاء في الخبر أن العواجي بعث رسالة إلى تجمع الحكام عبر تطبيق "الواتساب"، الذي يضم الإنجليزي مارك كلاتنبيرج رئيس اللجنة "أعتذر عن الاستمرار وخدمتكم في اللجنة لكثير من المعوقات التي لا تخدم الحكام والتحكيم، وأهمها حقوقكم المالية وأمور كثيرة جدًّا".. وبحسب الخبر نفسه، فإن صحيفة "الرياضية" اتصلت برئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم عادل عزت، لسؤاله عن تفاصيل الاستقالة، وقال لهم: "سأعود لكم بعد قليل"، ولكنه لم يجب على المكالمات الهاتفية عقب ذلك.

 

"٤"

في اليوم التالي، نشرت صحيفة "عين اليوم" الإلكترونية، خبراً آخر عن الاستقالة، أشارت فيه، على لسان مصدر مسؤول في اتحاد القدم السعودي "لم تذكر اسمه"، إلى أن مرعي لم يستقل، وإنما انتهى عقده، ولم يرغب اتحاد اللعبة ورئيس اللجنة الإنجليزي في تجديده، إذ أبدى مارك كلاتنبيرج "بحسب خبر "عين اليوم" "تحفظاً على عمله في الفترة السابقة، وتم على إثر ذلك تحويله من منصبه نائباً لرئيس اللجنة إلى عضو فيها".

 

"٥"

بعد ذلك بأيام، ظهر السيد الإنجليزي نفسه، في حديث لبرنامج "أكشن يا دوري"، وقال نصاً في حوار مسجل: "العواجي عنصر مهم في العمل، لكنه اعترض على طريقتي في إدارة الأمور، ولم تعجبه رؤيتي، فتقدم باستقالته، وقبلتها أنا وعادل عزت".

 

"٦"

لم تمض أيام على استقالة نائب رئيس لجنة الحكام، حتى تبعتها استقالة رئيس لجنة الحكام الفرعية في منطقة القصيم الحكم الدولي صالح الهذلول، الذي زاد عليها باعتزال التحكيم أيضاً، بسبب تلوث المناخ الإداري بالوعود الكاذبة، وبرامج التطوير الوهمية، وشح الصرف، على الرغم من وفرة الموارد المالية، واقتبسُ من حديثه الطويل لصحيفة "الشرق الأوسط"، هذا القول: "منذ سنوات لم أحصل على أجري، وزيادة على ذلك صرت أدفع من مالي الخاص لأشتري الماء والعصير للحكام في المباريات".

 

"٧"

بين الاستقالتين، استقال أيضاً عضو لجنة الحكام الرئيسية عبد العزيز العيدان، الذي قال في حوار مع صحيفة "الشرق الأوسط": "من غير المعقول أن تعطي 4 ملايين ريال للجنة المنشطات لتسيير عملها، وتضع 450 ألف ريال في حساب كل نادٍ من أندية الدرجة الأولى، وتتجاهل مستحقات الحكام، والمشكلة الكبرى أن اتحاد الكرة تسلم مبالغ مباريات الدور الثاني من قبل أندية دوري المحترفين في الموسم الماضي، وهي مكافآت الحكام وحق من حقوقهم، وهي أموال مثبتة، وكان على الحكام تعيين محامٍ يطالب بهذه المبالغ من الاتحاد.. ثم يأتي الرئيس عادل عزت ويطمس كل هذه الحقوق بقوله: "لا تسألوني عن الماضي".. فهل نحن نتعامل مع أفراد أو اتحاد كرة؟!".

 

"٨"

انتهت القصة القصيرة، لكن القصة الطويلة لم تنتهِ بعد، ولا أعلم حقيقة هل سماع مثل هذا الكلام أمر محزن أم مضحك؟!..

هل نحزن على وضع التحكيم والحكام، أم نضحك على عجز الإدارات المتتالية عن حل هذه المشكلة منذ أكثر من 15 عاماً؟!

بارعون جداً نحن في "حل اللجان"، لكننا فاشلون تماماً في "حل المشاكل"!.