|


-
مارفيك وليوبنهاكر
-
2017-09-10

لم يعرف الشارع السعودي جدلاً بحجم الذي أثاره المدرب الهولندي ليوبنهاكر في العام 1994، حين تعاقد اتحاد كرة القدم معه لقيادة المنتخب في نهائيات كأس العالم في الولايات المتحدة. يومها انقسم الشارع ما بين فريق مؤيد لاستمراره، بعيدًا عن التعجل في إطلاق الحكم على تجربته، وفريق معارض يرى أنه لا جدوى في الرهان على قناعاته الغريبة، قبل أن يتصاعد الجدل حتى بلغ مبلغًا بوصوله إلى القصر الملكي!.

 

يروي قائد المنتخب السعودي السابق ماجد عبد الله، أنه تلقى ذات مساء مكالمة من الملك فهد، يسأله فيها عن المدرب ليوبنهاكر ومدى قناعة اللاعبين بطريقته.. يقول ماجد: "أخبرت الملك أن ليوبنهاكر مدرب جيد، غير أن طريقته في إعداد المنتخب تتطلب وقتًا طويلاً حتى تظهر نتائجها". ويبدو أن الملك فهد اعتمد على رأي قائد المنتخب وقرر حسم الجدل في اليوم التالي، حين أعلنت الرئاسة العامة لرعاية الشباب فسخ التعاقد مع المدرب الهولندي، والبحث عن بديل لقيادة المنتخب في النهائيات.

 

وخلال العام الحالي، أثار هولندي آخر الجدل، حين انقسم الشارع الرياضي بشأن جدوى استمرار المدرب فان مارفيك في منصبه، خاصة أن المنتخب في أول عهده ظهر بلا لون أو طعم، مع أنه كان يسير نحو تحقيق الأهداف المتفق عليها. 

 

المطالبون برحيل مارفيك كانوا يراهنون على أن الانهيار قادم لا محالة، وأن هذا الرجل الذي نفذ من ورطة تايلاند والعراق بفضل ثلاث ركلات جزاء، لن يستطيع التماسك في المراحل المقبلة أمام أستراليا واليابان والإمارات، وفي المقابل يرى المطالبون ببقاء الهولندي الأشقر، أن استمراره أمر مهم، خاصة أنه يمتلك تأثيرًا على اللاعبين، يستحق معه تجديد الثقة، محذرين من الاستغناء عن خدماته التي أعادت "الأخضر" إلى سكة الانتصارات، على الرغم من أن كرة القدم السعودية تعاني عجزًا في اللاعبين المؤثرين!.

 

والحقيقة أن مارفيك عندما تسلم المهمة كان يحاول أن يصنع من التراب تبرًا، أو كما يقول الأشقاء في مصر: "يصنع من الفسيخ شربات"؛ فالمنتخب السعودي الذي كان يمتلك أفضل اللاعبين على مستوى قارة آسيا، لم يعد يمتلك لاعبًا مميزًا على المستوى نفسه، حتى إن حصل ناصر الشمراني على جائزة لاعب العام في القارة!.

 

بعد انتهاء مهمة مارفيك بتأهيل المنتخب السعودي إلى نهائيات كأس العالم، اتضح أن الرجل حاول التصرف بحسب المتاح، من خلال صيانة هيبة القائمة أولاً، ثم العمل على الحد من مزاجية اللاعبين، وهي الداء المستشري في جسد كرة القدم السعودية منذ سنوات؛ لأن اللعبة تأثرت سلبًا بالاحتراف، الذي بات يفرض على اللاعبين عملاً إجباريًّا، بينما نحن نعيش في مجتمع يبدع في الهواية ويعشق النشاط اللا صفي، وعندما تتحول الهواية إلى مقرر إجباري، يتعامل الفرد معها بتثاقل ومزاجية، وهذا ما حدث للاعبين حين انتقلوا من مرحلة الهواية إلى الاحتراف.

 

اتخذنا قرار طرد ليوبنهاكر بقلب "جامد"؛ لأننا حينها نتوفر على أفضل اللاعبين في آسيا، أما الآن فليس أمامنا إلا منح الفرصة كاملة لمواطنه مارفيك للعمل مهما كانت النتائج في المستقبل؛ لأن أغلبنا سيطالب بإقالته بمجرد خسارة المنتخب مباراة في بطولة الخليج المقبلة!.