|


د. علي عبدالله الجفري
الصوم و النشاط البدني
2008-09-01
صوم رمضان، كما نعرف جميعاً، هو الركن الرابع من أركان الإسلام الخمسة، والذي يمتنع فيه المسلمون عن الأكل والشرب من الفجر إلى المغرب لمدة شهر قمري كاملاً (29 – 30 يوماً). يقول الله تعالى: "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه" (البقرة، 185). أحاديث نبوية عديدة حثت على فضل الصوم وأهميته من النواحي الصحية والعقائدية والاجتماعية.
الصوم هو أحد أفضل العبادات التي يتقرب فيها المسلم لربه في رمضان وفي غير رمضان، وهو كذلك من أفضل العبادات التي تؤكد علاقة ديننا الحنيف بالنشاط البدني والصحة. الامتناع عن الأكل لفترة يعني تقليل مصادر الطاقة التي يحتاجها الجسم لأداء جميع وظائفه الحيوية والحركية، والامتناع عن الشرب كذلك لفترة يخل بتوازن السوائل في الجسم ويؤثر على التركيز الأيوني وبالذات البوتاسيوم والذي قد يؤثر على انتظام ضربات القلب. النشاط البدني وأنواع الرياضات المختلفة في المقابل تعتمد تماماً على الطاقة والسوائل لاستمرارية العمل العضلي اللازم لحيوية الجسم ووظائفه. ومع ذلك، فإن الصوم يمثل أكبر تحد لقدرة أجهزة الجسم الفسيولوجية على التكيف مع الظروف التي قد يتعرض لها جسم الإنسان مثل نقص الأكل والشرب.
ممارسة الأنشطة الحياتية والبدنية أثناء الصيام تحتم على أجهزة الجسم الفسيولوجية البدء في عمل التكيفات اللازمة للاستمرار في ممارسة هذه الأنشطة مع النقص في مصادر الطاقة والسوائل. هذه التكيفات تشمل عدة عمليات ووظائف بايوكيميائية وفسيولوجية معقدة تتجلى فيها قدرة الله عز وجل وإبداعه في خلق الجسم البشري. وأبسط هذه التكيفات هي تعديل نظام الطاقة الذي يستخدمه الجسم قبل بدء الصوم بتنشيط عمليات استدعاء الكبد للدهون الموجودة في الدم وللشحوم الموجودة في العضلات واستخدامها كمصدر للطاقة. الاحتفاظ بنسبة من السوائل داخل الجسم هو كذلك من التكيفات التي يبدأ الجسم بعملها كردة فعل لمواجهة نقص السوائل الناتج عن الصوم. طبعاً كل ذلك يحدث لعامة الناس ولكن بنسب مختلفة نتيجة اختلاف عوامل هامة مثل السن، الجنس، طبيعة العمل، الظروف المناخية، والحالة الصحية للشخص.
أؤكد على حث الكثير من الأطباء على ممارسة أنشطة بدنية معتدلة في نهار رمضان لمساعدة الجسم على التكيف، ولتحقيق أهداف صحية أخرى مثل إنقاص الوزن وخفض نسب الدهون والكولسترول في الدم.. كل عام و أنتم بخير.