|


حمود السلوة
نقوش على ذاكرة القبر
2009-07-24
أقل من مائة متر كانت هي المسافة التي تفصل ما بين بيته وقبره.
ـ كان الموت يطل عليه كل يوم من فوق سور المقبرة، صباح مساء منذ أن كان صغيرا حتى توفاه الله.
ـ موت الصديق فهيد إبراهيم الخزام لم يكن بالنسبة لنا جميعا مجرد (موت) أو (وفاة) كان فراقا مؤلما ومحزنا.
ـ كانت رحلته قاسية جدا مع المرض، واجه (رحمه الله) عذابات الألم بكل تفاصيلها.
ـ فهيد إبراهيم الخزام (رحمه الله) كان بالنسبة لي صديقا قبل أن يكون قريبا، عرفته وعرفه المجتمع الرياضي بحائل عضوا شرفيا داعما ومؤثرا ومخلصا بنادي الطائي، وعرفته إنسانا كريما وشهما وخلوقا وبشوشا.
ـ عزاؤنا لزوجته وأشقائه سالم ومحمد وفهد وعبد الله وخزام وأبنائه إبراهيم وسامي وعبد العزيز وعبد الرحمن وبناته الهنوف وربى وأخواته وأقاربه كافة.
ـ كان (رحمه الله) محباً للجميع دمث الخلق، غيبه الموت لكنه لن يغيب عن ذاكرة أهله وأسرته وأقاربه ومحبيه، لن يغيب أبو إبراهيم (رحمه الله) عن ذاكرة ذلك النخيل وذلك الرذاذ الذي كان يمنح المكان الطراوة والتواصل.
ـ كان طيب القلب عامرا قلبه بالوفاء والتواصل، ستبقى ذكراه عامرة في رائحة الطين وقوافي شقيقه الأكبر( سالم) ستبقى ذكراه حاضرة في ابتهالات الماء وارتعاشات الريح وتجاعيد الحقول وعشب الرمل.
ـ كان إيمانه بالله أقوى من جراحاته النازفة وآلام المرض وقساوته.
ـ أما شقيقه الأكبر سالم ذلك المكلوم الذي أنهكته القوافي وتشضاه الشعر كان أكثرنا إيمانا وأقوانا صبرا واحتسابا، وقف يستنشق رائحة الطين وطراوة الماء لأنه كان يعرف أن هذه المقبرة التي احتضنت آباءه وأجداده وشقيقه سعود هي الأرض وهي المقبرة التي يعتبرها سالم صفحة في دفتر الأحزان ومدارات الحياة.
ـ رحل فهيد الخزام بعد رحلة مع معاناة طويلة من الترحال ما بين حائل والرياض وعمان وبيروت وصنعاء وألمانيا، لكن في الأول والأخير تبقى إرادة الخالق عز وجل.
ـ (أبا إبراهيم) أنا لا أرثيك فقط بل أكتب عن تفاصيل الحزن والفراق لأنك عانقت الموت مثلما فارقت الحياة، لكنني سأتذكر كل وصاياك التي غرستها في ذاكرتي قبل أن تلفظ أنفاسك بساعات قليلة.
ـ سأتذكر أبا إبراهيم لحظة أن ودعت حفيدك سلطان وودعته الوادع الأخير وشعرت لحظتها أن شيئا ما ينبت في ساعديك ويضيء بين حاجبيك لحظتها كنت أتمنى أبا إبراهيم أن أربط جناحيك بالشمس.
ـ أما ما تبقى من أحزاننا ودموعنا فقد قام بها بالنيابة عنا ابنك عبد العزيز الذي حطم قوانين العزاء وكسر حواجز الصمت والكبت وعبر بطريقته العفوية عن لوعته وحزنه لفراق والده.
ـ كل الدعوات أن يغفر الله لك ويرحمك، أما حفيدك سلطان فهو لم يزل يحتفظ برائحة قبلاتك الأخيرة له، وبعضا من شعر لحيتك البيضاء لعلها تضيء له بعضا من ظلمة الحزن وسط فؤاده الطري.