|


د. رشيد بن عبد العزيز الحمد
دروس وعبر من كأس العالم
2010-07-14
لا تكاد تخلو مجالس الرياضيين والمختصين والمثقفين في مجال كرة القدم في هذه الأيام من تداول مصطلحات (الكرة الحديثة الجماعية) بعد مشاهدة الأداء الفني لمنتخب آسيا خلال كأس العالم و التحول في لعب كرة القدم الكرة الحديثة الجماعية يتطلب برامج وخطط تدريبية نوعية يراعى فيها معطيات العصر واحتياجات الرياضة، ويبرز تطوير (الكرة الحديثة الجماعية) وتطوير (رياضة كرة القدم)، بتطوير استراتيجيات التدريب والتعلم، كأحد أهم مكونات هذا التطوير لبناء فريق قادر على تشريف الوطن في المناسبات التي يشارك بها. وتعد عملية التطوير هاجساً ملحاً لمعظم القادة المسئولين عن الرياضة في العالم وبالذات في لعبة كرة القدم، لذا ظهرت اسبانيا التي تميزت وتفوقت على الجميع بفوزها بكأس العالم لكرة القدم2010م كدولة من الدول التي بادرت لإصلاح وتطوير الفكر الاحترافي والتدريبي لرياضة كرة القدم متقدمه على العديد من الدول التي سبقتها في هذا المجال، فمن منا لا يتابع الدوري الإسباني وأنديتها بنجومها المشهورين المميزين فيلعب في دوري أنديتها أفضل لاعبي العالم في اللعبة ولم تكتف بذلك بل نادت بعقد المؤتمرات واللقاءات العلمية الدولية لدراسة أساليب وآليات التطوير المنشود في لعبة كرة القدم، وفتحت المجال للتطوير ونقل خبراتها للآخرين ورغم ذلك فهي مازالت تنظر أنها تحتاج إلى تطوير كرة القدم لكي تصبح منافسا عالميا لا مشاركا فقط فتحقق لها ذلك بحصول أنديتها على بطولة كأس العالم للأندية وفوزها ببطولة أوروبا 2008م ثم كأس العالم 2010م وتصدرت أنديتها ترتيب الأندية الأفضل في العالم.
ولعل المتأمل الواعي المنصف لخطوات التطوير التي انتهجتها اسبانيا يصل إلى نتيجة مفادها أنها اتجهت إلى التطوير المرتكز على الشراكة مع الجميع والمستفيد من التجارب العالمية بنظرة واعية فاحصة وأن تكون عملية التطوير شاملة لجميع أولويات التطوير في بناء معايير الرياضة بكافة مجالاتها، والاستراتيجيات والتقويم وما يصاحبها من معايير التطوير المهني للعاملين على مجال كرة القدم من مدربين وكوادر فنية وإدارية وطبية ونشر ثقافة الرياضة، ومعايير البرامج والأنظمة....وغيرها. والتي ينبغي أن يشارك في بنائها الجميع، ورغم أنها فتحت أبوابها للاحتراف وتطوير قدرات اللاعبين المشاركين فيه.
وأولت عنايتها في جميع مراحل التطوير وفي كافة جوانبه على الاستثمار في التنمية البشرية للخبرات الوطنية، إذ أنها هي محرك التطوير وضمان استمرار يته.
إن تطوير كرة القدم في أي بلد ينبغي أن ينطلق من داخله وأن يتم في جميع مراحله في عقر داره، لأن مرد التطوير إليه واستمرار يته مناطة بخبرات أبنائه، مع التأكيد على الاستفادة من التجارب والخبرات العالمية الناجحة.
وهذا ما تحقق فعلا لإسبانيا فرغم أنها تحتضن أفضل لاعبي كرة القدم في العالم في أنديتها المختلفة كلاعبين محترفين إلا أن ما فعلته هو الاستفادة من وجود هذه الخبرات في تطوير لاعبيها ولعلنا لا نكرر أن من شاهد فريق اسبانيا وما قدمه من مستوى راق مهاريا وفنيا يدرك أهمية اللعب الجماعي الذي لا يعتمد على النجم الواحد، تسيدت اسبانيا كرة القدم العالمية بفريق يملك اللعب الجماعي المعتمد على التوافق المهاري الذي بلا شك يوضح أن من سطروا هذه الملحمة الكروية وعزفوا السيمفونية الرائعة تدربوا على أبجديات اللعبة منذ نعومة أظفارهم تحت أشراف تدريبي عال ووفق معايير تدريبية وانتقائية ومنهجية مدروسة، لقد أظهرت لنا بطولة كأس العالم أهمية التخطيط المدروس المبني على استراتيجيات قصيرة المدى وطويلة المدى وهذا ما فعله الإسبان بعد أن تعبوا وخططوا على مدى تاريخ عمر كأس العالم الذي انطلق عام 1934م وحتى تحقق لهم ما يستحقونه فضلا عن أن بطولة كأس العالم التي امتدت لشهر كامل أظهرت لنا التنظيم الدقيق المنظم من الاتحاد الدولي للعبة كرة القدم واستمراره على نهج واضح ومتوازن وبلا مجاملات كما أن المنتخبات قدمت دروسا وقيما تربوية عالية من خلال اللعب النظيف وتقبل قرارات الحكام مهما كانت بصدر رحب فظهرت ثقافة الحوار وتقبل الآخر والنهاية الجميلة للمباريات بالمبادرة بالسلام على بعض وسط الملعب وتقديم التحية للجماهير الرياضية والتعاون مع وسائل الإعلام ومع المنظمين، وتميز من نوع آخر تميز الكوادر السعودية كما حدث من تميز لممثل الاتحاد الآسيوي ابن الوطن الدكتور حافظ المدلج والذي شرف الشباب الرياضي السعودي بحضوره وتمكنه في أداء المهمة الموكلة له وتميز حكمنا الدولي خليل جلال بحضوره المشرف، ما نتمناه أن نرى آثار هذا المونديال العالمي وقد تابعة الجمهور والمنظمون والحكام والإعلاميون والمهتمون وقبلهم اللاعبون على رياضة كرة القدم في المملكة من خلال الاستفادة من الدروس والعبر الجميلة في هذا اللقاء. والله الموفق.