|


أحمد المطرودي
وداعاً سلطان والذخر نايف
2011-11-01
جاء تعيين الأمير نايف ولياً للعهد مبهجاً وماسحاً للحزن الذي أصاب الناس بعد وفاة أمير الخير سلطان، فعلى الرغم من معرفة الناس بمرضه وخطورته وظهور شائعات باستمرار بموته إلا أن موته الحقيقي كان صدمة للجميع، فهو أب لنا، ارتبطنا به منذ أن خرجنا إلى الدنيا بشخصيته المتميزة وابتسامته الرائعة وحنانه المتدفق وخيره الذي ليس له حد، فهو حضن دافئ ويد ممتدة بالعطاء وقلب كبير ينبض بالحب والولاء، كانت دمعته سريعة بما يملكه من أحاسيس مرهفة ومشاعر صادقة وتواضع لا يجيده سوى الكبار، رحم الله هذا الرمز الذي اختاره الله إلى جواره فهو من عبيده المخلصين الصالحين، وسيكون إن شاء الله مع النبيين والصالحين في أعلى المنازل، بل هو مع رسولنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي قال: “أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين، وأشار بالسبابة والوسطى”، وسلطان الخير كفل آلاف اليتامى وساعد المحتاجين وعالج المرضى والمعاقين، ولم يتوقف عند هذا الحد بل امتدت أياديه البيضاء إلى آلاف الأشخاص الذين تغيرت حياتهم بفضل الله ثم بسلطان، وحينما يطلع الشخص على مسيرة هذا الإنسان الفذ لا يستغرب أن يجمع كل هذه الصفات الرائعة التي قل أن تجتمع بشخص واحد لكنها اجتمعت بهذا الرجل المعطاء السخي الذي كان رحيله حدثاً تاريخياً لا يمكن أن يُنسى، فشخص تربى بأحضان موحد الجزيرة الملك عبدالعزيز الذي علمه منذ الصغر على كل صفة رائعة ويكفي أنه استلم مهامه منذ أن كان في السادسة عشرة من عمره وهذا دليل واضح لثقة والده به، وأنه أهل لهذا الكم الكبير من المناصب شخصياً، تلقيت الخبر بمفاجأة وكأنه صاعقة رغم معرفتي بصعوبة حالته مما جعل الزميل الذي أخبرني يؤكد لي أنه أعلن رسمياً لأن حجم الخبر كان كبيراً، وقد بادرت بتعزية والدي الذي يكن للأمير سلطان حباً كبيراً وقد أكد لي أنه منذ سنوات قد تعود على الدعاء اليومي لولاة الأمر ويخص الأمير سلطان بعد أن أصيب بالمرض، لأن هؤلاء لهم حب عميق صادق محفور بأعماق القلوب وأكثر الناس معرفة بعطاءاتهم وفضلهم هم الرجال الكبار الذين عانوا الجوع والمرض وقلة الأمن وسوء الاستقرار، ولم يكن الأمير سلطان تمتد يده الكريمة إلى قطاع دون آخر أو مجتمع عن غيره بل شمل بعطفه كل شرائح المجتمع، وعندما نريد أن نتحدث عن هذه العطاءات ولو اختصرناها لا نستطيع أن نحصرها، ولو تحدثنا عن دعمه فقط للرياضة لاحتجنا مجلدات، ولا يمكن أن أنسى موقفه الكبير قبل سنوات حينما خصص تبرعاً ثابتاً لأندية بريدة (الرائد والتعاون) وأنقذها من الإفلاس في وقت كان الجميع قد أصيب بخيبة الأمل وتبخر للطموح، لقد رحل عن الدنيا ولكن أعماله ستبقى للأبد، وإذا كان الإنسان ينقطع عمله في الدنيا بعد الموت إلا أن سلطان لن ينقطع عمله، فليس أولاده من صلبه فقط هم من يدعون له بل إن الملايين يدعون له وسوف يستمرون وصدقاته الجارية ستبقى له.