|


أحمد المطرودي
سلطة الجماهير
2012-01-24
سلطة الجماهير وتأثيرها على مسار الكثير من الأندية أصبحت ظاهرة، ورؤساء الأندية يبذلون الجهود الكبيرة ويدفعون الملايين من جيوبهم، وفي أي خسارة تنهال الانتقادات والإهانات والتجريح الشخصي من قبل الجماهير التي لا أحد يستطيع أن يوقفها أو حتى ينتقدها، بل هناك من يقدم لها الأعذار فيخرج المشجع من الملعب وكأنه قد دفع الملايين لناديه والحقيقة إنه دخل مجانا بتذكرة دفع قيمتها الرئيس.. فيثور ويزمجر ويصرخ ويسب ثم يسرد طلباته واملاءاته على الإدارة، فهو يريد حارس مرمى بمواصفات الدعيع وظهيراً عصرياً وصانع لعب عالمياً وهدافاً من طراز نادر، ولم يقتنع بأي لاعب جلبته الإدارة، ويطالب بطردهم فورا وإلا لن يرضى عن الإدارة، لقد تخلت الكثير من الجماهير عن دورها في رفع روح اللاعبين بالأهازيج الجميلة والدعم في حالة الخسارة.. إلى أبواق تمارس الضغط على لاعبيها في الخسارة، والتطبيل وإهانة المنافس في حالة الفوز، وإثارة القلاقل والتوتر والشغب في الملاعب.. وهذه لها أسبابها التربوية التي لم تتمكن من تحقيق الغاية التربوية التي تبني شخصية الفرد بتقدير لمراحل النمو وإشباع الرغبات ومنح الحنان الكافي والتعامل بأساليب تحقق له الثقة بالنفس والاعتزاز بها دون الإنقاص من الآخرين أو إهانتهم.. ومنها الحوار بأسلوب راق وتكليفه ببعض الأعمال ومساعدته على اتخاذ القرار بالابتعاد عن القمع والتحطيم في حالة الخطأ، واستبداله بالتوجيه والمناقشة، وإعطائه الفرصة في الدفاع عن نفسه واستخدام ما بال أقوام في مناقشته ببعض السلوكيات الخاطئة سواء ما تحذره منه أو ما تمنعه عن ممارسته.. للأسف أصبحت سلطة الجماهير تعدت الحدود وأصبحت غير معقولة، وتسببت هذه السلطة القاسية بتعب كبير على رؤساء الأندية واللاعبين، فكل فرد من هذه الجماهير يرى في نفسه العارف بكل شيء ولابد أن يسمع كلامه، بل بعضهم يحدد من يحب النادي ومن الأفضل ومن يستحق أن يطرد ويجرد من ميوله، وهناك من تجرأ على الرموز المعروفة بالقذف العلني والسب الشخصي والتجريح غير المبرر، فهم لا يحترمون أحدا ولايؤمنون بالأستاذية.. فهم يقيمون أساتذتهم دون مراعاة ذلك لأن لديهم القدرة على الدخول في الساحة التي يلعب بها أستاذه وانتقاده وتجريمه إذا خالفه الرأي.. أخشى أننا في زمن الرويبضة.. فأقل الناس علما وثقافة وتجربة وعمرا يصدح بكل قوة وبجاحة في وجه عالم يحمل العلم والثقافة والتجربة، فينسف كل شيء من خلال الضغط على أزرار الـ(كي بورد) الذي يجيدونه أكثر من غيرهم.. وهنا لابد أن نحمل الإعلام مسؤولية كبيرة، فهو شريك في منحهم الفرصة وعدم تجريم ما يفعلون، بل في مواقف كثيرة يسوقون لهم الأعذار في معاناتهم وبالتالي ممارسة الشغب سواء بالصوت أو بالفعل، ولم يسلم الاتحاد السعودي من هذا الأسلوب البعيد عن النقد الهادف والمتزن.
الذي يكشف الإيجابيات ويشكرها ويظهر السلبيات ويعطي علاجاً لها مبني على نظرة علمية وتجربة وخبرة فنية.. وتراعي أيضا توقيت النقد الذي لايأتي على الأنقاض ويسير ومع التيار.