|


د. محمد باجنيد
(أبو قامش) الصحافة
2009-04-03
هذه المقالة قد لا تعجب بعض رؤساء التحرير، ولكن أحسب أنها قد تعجب القراء!
ما زلت أعتقد مثل كثيرين بأن الجريدة تُقرأ من الخلف.. أي بدءا بالصفحة الأخيرة.. لذلك نرى أشهر الكتاب يطلون منها فيراهم الناس في (سوق الوراقين) على الشارع العام.. يقدمون بضاعتهم للرائح والغاد.. فيما يعرض آخرون بضائعهم داخل السوق الكبير في شوارع هامشية.. لا يراها سوى من يبحث عنها اقتناعاً بالبضاعة وتقديراً لبائعها!
اليوم.. لا أدري هل ما زالت الجريدة تقرأ من صفحتها الأخيرة؟.. دعوني أعيد السؤال بصيغة أخرى فأقول: هل ما زال من يطلون علينا في الصفحات الأخيرة هم الأميز في أفكارهم واتجاهاتهم وقدراتهم الكتابية؟!.. أم أن الأمر لا يعدو كونه ملكية قديمة لـ (دكان) على الشارع العام في سوق لم يعد كما كان حافلاً ببضاعة ثمينة وليست (مزجاة)؟!
وحتى لا يظن أحد بأنني أغار ممن يكتبون في الصفحة الأخيرة، وأريد أن أكون هناك.. إما (غبطة) بوجودي بينهم.. أو (حسداً) بإزاحتهم.. فإنني أقول ـ وأنا بكامل قواي العقلية ـ إنني قد بدأت الكتابة ـ قبل قرابة العشرين عاماً ـ بـ(الواسطة).. ثم وصلت ـ سريعاً ـ إلى (الصفحة الأخيرة) على طريقة (الأقربين أولى بالمعروف)!
أحوال الكتاب ذكرتني بـ (أبي قامش) بائع سندوتشات (البيض) الشهيرة في وسط حارة (الكويت) بجدة.. ذلك الذي يصطف الناس بأعداد كبيرة طمعاً في سندوتشاته المحشوة بالبيض المسلوق والفلفل الأسود والملح والشطة الحمراء والليمون وزيت الزيتون!.. إنها كما ترون مليئة بالفائدة ومبهرة بإضافات شهية!
(أبو قامش) ما زال منزوياً داخل الحارة.. ولم يفكر في الانتقال إلى الشارع العام!
الكلمات في بلاط (صاحبة الجلالة) تبدو كالبيض.. البعض يقدمها مسلوقة خالية حتى من الملح وآخرون يعدون أطباقها على عجل ويقدمونها بلا طعم.. وهناك من يقذف بها الآخرين.. فيما لا يزال البحث مستمراً عن (أبي قامش).