|


د. محمد باجنيد
شجون خضراء
2009-04-10
ربما كان من المتوقع أن يأتيكم صوتي في الأسبوع الماضي (طازجاً) حاملاً أصداء الفوزين المهمين للمنتخب في مشواره (الصعب) إلى المونديال العالمي الكبير لخامس مرة على التوالي.
أجواء الفرح أخذتني بعد اللقاءين العصيبين في طهران والرياض.. وشلال من الكلمات والرؤى الجميلة كانت تغمرني وأنا أعيش الفرح مع ابني إبراهيم كلما صال الأخضر وجال وهز الشباك!
منحت أوراقي وأقلامي وجهازي المحمول الصغير إجازة لأحتفل بفرحة وطن ليس ككل الأوطان.. أعيشها مثل طفل صغير لابساً ثوب العيد معتمراً (طاقية) مطرزة بألوان الذهب والفضة.. محتزماً خنجراً (جنوبياً).. الفرحة ـ يا سادة ـ كانت تناديني للعرضة رغم أنني لا أذكر أنني قد عرضت يوماً.. ولكنني كنت أشعر أن أشياء كثيرة في داخلي كانت ترقص طرباً بتفوق الأخضر!
من يحب الكرة يطرب لها.. ومن يحب الوطن يطرب لتفوقه وينسى معه كل الألوان!
في إيران كان ميدان الكرة ساحة استعراض للقدرات.. المدهش أن يأتي التفوق على كل ما أعده الخصم من عوامل تنبئ عن فوز كبير.. تصريحات نارية بهزيمة نكراء للأخضر.. جمهور كبير تتجاوز أعدادهم المئة ألف.. وحضور لأعلى سلطة في الدولة!
فيما الأخضر السعودي يحيد كل هذه العوامل ويقدم للجمهور الإيراني قبل السعودي محاضرة في فنون الكرة والإرادة القوية والهدوء الواثق.. فلماذا لا نتفاءل بأن نراه هناك حيث الكل يتمنى ولو لمرة واحدة وليس لخامس مرة على التوالي!
هناك عمل جبار من الظلم أن نؤرخه باستلام المدرب الجديد بسيرو للأخضر.. إنها نظرة لا يقبلها المشجع البسيط.. تغيير الجهاز الفني ـ لمن يفهم في الكرة ـ لا يمكن أن يأخذك من الإخفاق إلى النجاح في المهمة التي تسعى إلى إنجازها دون أن تتوفر لديك عناصر التفوق الأساسية وأهمها في كرة القدم وجود لاعبين على مستوى عال.. إن بناء فريق زاخر بنجوم كثيرة في كل المراكز بالشكل الذي يجعلك تؤدي بقوة في كل النزالات مهما كانت الغيابات إنما يعبر عن عمل استراتيجي سخرت له إمكانات كبيرة.. وهو بكل إنصاف يسجل للمسؤولين عن الرياضية في بلادنا!
المملكة اليوم بالأرقام هي الأولى على الساحة الآسيوية، ولا أعتقد أن مكانة بهذا الحجم تأتي بلا عمل وتخطيط واهتمام!
والآراء التي كانت تطرح على الساحة الإعلامية وتناقش قضايا الرياضة وخاصة هذه الساحرة كرة القدم إنما تمثل عصفاً ذهنياً لا شك أنه كان عاملاً هاماً في كشف كثير من نقاط الضعف والقوة فيما يتعلق بالشأن الرياضي.
مثل هذه الآراء يجب أن تقدم بكل شفافية ولا بأس أن تكون بلغة ساخرة يتطلبها العمل الإعلامي، ولكن يجب ألا تخرج عن حدود اللباقة فضلاً عن أن تحمل كثيراً من التجني!
الاحتراف الكروي عندنا رغم كل ما يوجه إليه من انتقادات إلا أن إيجابياته تبدو واضحة في إدراك اللاعب الموظف لما هو مطلوب منه خلال مشاركاته مع النادي والمنتخب، حتى بتنا نرى هذا النضج في التعامل مع المواقف خلال المباريات بصورة تظهر مدى التحول الكبير في وعي اللاعب في أداء دوره بالصورة المطلوبة منه.. ما نحتاجه في المرحلة المقبلة هو استمرارية البناء على ما تحقق من نتائج مدهشة على مستوى توفير الخامات الرياضية الموهوبة وليس التوقف أمام كل كبوة واردة في أي عمل إنساني وتضخيمها ونسف جهود العاملين والتقليل من قدراتهم، فالإخفاق والنجاح تشكلهما عوامل كثيرة بل ويدخل الحظ فيهما بشكل كبير!