|


د. محمد باجنيد
أترضاه لأمك؟
2009-05-29
كثيرة هي العادات التي نشأنا عليها وكبرت معنا وبات يصعب علينا تركها.
في دار المسنات راحت (سعدية) تطبل على (تبسي) الشاي.. ثم تضعه لتصفق بيديها.. ثم تطلق (زغروطة) طويلة!.. (طقاقة) كانت سعدية.. تخرج على رفيقات الدار في كل مساء.. تقض مضاجعهن.. تغني لهن يا ليل يا عين.. فيما هناك في أقصى الغرفة قامت (سارة) تكبر وتصلي.. تفعل ذلك كلما سمعت الأذان.. إنه (الخرف) يخرج ما يحمله الإنسان في مركب العمر!
(من شب على شيء.. شاب عليه).. مثل مشهور واضح المعاني، ومع ذلك لم يعرف صاحبنا (مستور) أبعاده العميقة.. ربما لأنه لم يزر يوماً دار المسنين.. ولكنه أدرك ذلك مؤخراً بعد أن رأى ذلك العجوز الطاعن في السن وهو يقلب حاجبيه و(يغمز) بعينيه ويضع يده في فمه ويصفر.. ورأسه يدور يتعقب مجموعة نساء يسرن أمامه! لقد غير هذا المشهد العجيب حياة (مستور).. قال يحدث نفسه.. يؤنبها: هل سيكون حالي مثل هذا الهرم لو بقيت على ما أنا عليه من معاكسة النساء؟!.. بئس الحال والمآل.. وشفي مستور من هذا الداء وهو في عز شبابه!
مشكور (مستور).. أراح نفسه وأراح المجتمع من تبعات هذا التعدي! ترى ما الذي يوقف هؤلاء الشباب عن الاستمرار في هذا السلوك الشائن؟!.. العقاب أمر مهم.. خاصة حينما يكون صارماً عادلاً يتساوى فيه ابنا (معروف) و(مجهول)!.. وقد علمت أن الجلد أمام الملأ بات العقاب المنتظر لكل من استهان بحرمات الناس، وراح يزعجهم في الشوارع والأسواق.. ولكنه لا يكفي وحده.. نحتاج إلى رادع لا تنفع معه حيطة ولا حذر.. رادع تتعاظم فيه المصلحة المترتبة على الامتناع.. ولا أجد خيراً من (أترضاه لأمك؟!.. أترضاه لأختك؟!).. حارساً يخرجه رسول الرحمة من عمق الرغبة ليطفئ به نار الشهوة لفتى يافع راح يجيب في تسليم مطلق: لا يا رسول الله.. فيقول الحبيب المصطفى: (فكذلك الناس لا يرضونه لأمهاتهم وأخواتهم).