|


د. محمد باجنيد
البحث عن القائد
2011-09-30
يتفق العارفون بالإدارة بأن القائد الحقيقي هو ذلك الفرد الذي يتمتع بجاذبية مؤثرة وحضور قوي في الدائرة التي يعمل بها، ويسعى دائماً للتحول إلى كل ما هو أفضل، عبر رؤى مستقبلية جديدة يعتمد كثيراً في تحقيقها على استثارة العاملين معه عقليّا وعاطفيّا.
لن آتيكم بمادة علمية جامدة.. لن أحيل هذه المساحة الحرة في صحيفة رياضية الصبغة إلى فصل دراسي أقدم فيه درساً مملاً.. سأتأمل كعادتي في سمات أراها ولا أراها.. يعني ـ ببساطة ـ موجودة في بعض الناس وليست موجودة في البعض الآخر.. ولن أكون (متعدياً) إن قلت إنها نادرة فكلنا نعرف أن القادة الحقيقيون المؤثرون نادرون.
ترى هل صادفت يوماً قائداً من ذلك الصنف الذي يكره الجمود وينشد التغيير والتحول إلى الأفضل؟.. إن التقيت به فلا بد أنك وجدته شجاعاً محباً للمخاطرة بحساب الربح والخسارة.. ذو رؤية واضحة محفزة لمن يعملون معه.. لديه قدرات متميزة في الاتصال الفعال بالآخرين.
تلك بالفعل بعض سمات أساسية رائعة للقائد المؤثر.. ولكن أكثر ما يميز هذا القائد ـ الذي يصنع التحولات المدهشة ـ سمات أخرى تصنع في (بيت العز) الحقيقي على يدي أم وأب.. أو ربما أخت وأخ.. ولك أن تقول خال وخالة وعم وعمة.. ولا بأس أن تبحث عن آخرين في محيط هذا القائد.. عفواً لقد نسيت الجد والجدة.. إنهما الحضن العاطفي الهادئ المليء بتجارب الماضي.. نعم في هذه البيئة التي تضم هؤلاء يتربى القائد فنراه صادقاً نزيهاً مستقيماً.. لا يزعج الآخرين بتدخلاته في كل الأمور فلا يتدخل في سير العمل إلا في حالات الضرورة.. يؤمن بقيمة الناس ويشعر العاملون معه بأهميتهم، ويعزز ثقتهم بأنفسهم.. لا يصطاد الأخطاء لا (في الماء العكر) ولا في الماء الصافي.. وإنما ينظر إليها على أنها تجارب تقود إلى النجاح.. كثيرون يقولون إن الخطأ يعلم النجاح ومع ذلك يجازون عليه بالعقاب دون إمهال.. عجيب أمرهم.. نسميهم قادة وهم مجرد إداريين قيدوا أنفسهم بالنظام.. قدسوه ظاهراً وسفكوا دمه في الظلام.. أكثر القادة الناجحين فهموا روح النظام ولم يأسرهم نصه.. جعلوه في خدمة الناس باستثناءات تدفع لمزيد من الإنتاجية العالية.. كم من الإداريين أهدروا حقوق الناس حين فقدوا السمات الأخلاقية للقيادة الحقيقية.. حين لا تستشعر حاجة الناس وتتفهم مشاعرهم.. حين لا تتمتع بـ (الذكاء العاطفي) المبني على قيم (الأمانة) فلن تتحرك لتحقيق مصالح الناس وستجدف عكس التيار مع قلة سيتخلون عنك مع أول إشعار بالخطر.
ابحثوا عن ذلك القائد النادر صاحب الرؤية الواضحة التي يؤمن بها العاملون ويتفاعلون معها لأن قائدهم لا يكتفي بشرح الرؤية بل يعيشها ويطبقها، ويتأكد من تطابق كل الأعمال مع هذه الرؤية والقيم والمبادئ التي تكتنفها.
أين هذا القائد؟.. إن رأيتموه فاسألوه أن يرفع يديه إلى السماء بالدعاء وسيهطل المطر.