|


د. محمد باجنيد
البحث عن القائد (2)
2011-10-14
لم أكن أنوي العودة للحديث في موضوع الأسبوع قبل الماضي، لكن أخي العزيز الأستاذ علي آل مريع راح يتوغل من العمق قبل أن يمرر لي الكرة لأجد نفسي منفرداً أمام مرمى (الرأي الشعوبي العام). نعم.. لقد وجد صاحبي في محدثكم ذلك اللاعب الذي يعرف طريق المرمى ويجيد تسجيل الأهداف.. ولا أدري بعد هذا الإطراء إن كنت سأسجل أهدافاً أخرى ترضي ترقب (أبي يزيد) أم أنني سأطوح بالكرة (فوق العارضة) وأجعله يندم على تلك التمريرة الذكية التي لم تجد من يستثمرها!..
يقول أبو يزيد: الدكتور والزميل العزيز محمد باجنيد.
صباحك صباح القائد المؤثر.
لقد رفعت عقالي تحية لك ولمقالك.. فعلاً نريد قائداً لا مديراً.. كثيرون هم المدراء لكن قلة منهم من يتسم بالقيادة.. حدسي يقول إنك عندما بحثت في تفاصيل القيادة خطر على بالك المشاركة بهذا المقال الرائع.. نعم لقد قدسوا النص وسفكوا دمه في الظلام.. نبحث عن قائد ذي سمات أخلاقية ويتسم بنوع من الحس الإنساني.. على الأقل، لا يتعامل مع الناس على أنهم نصوص لا تعدل ولا تتغير ولا تتأثر.
ويرى أبو يزيد أن ما يحصل في العالم العربي أو فيما يسمى “بالربيع العربي” قد نقض الاتفاق الحاصل في نظريات القيادة والتي تؤكد على أن الناس يحتاجون إلى قائد مؤثر ليحركهم نحو الهدف، فقد هبت الشعوب والجماعات للتغيير بدون قائد، ويتساءل أبو يزيد هل حصل هذا لأن الهدف كان واضحاً؟.. ويختم تعليقه بقوله: هل بالإمكان أن تقود الجماعات نفسها لتحقيق الأهداف؟.. أنتظر تعليقك الهام. تحياتي لك.
انتهى كلام أبي يزيد.. ولا أدري ماذا يمكن أن يقوله لاعب مبتدئ في (لعبة السياسة).. لم يظن يوماً أن مقالاً في القيادة الإدارية سيدخله في دهاليزها.
وها أنا أقول ـ ورزقي على الله ـ لا يمكن أبا يزيد أن تقود الشعوب نفسها لنيل حقوقها وتحقيق مصالحها.. ناموس الكون والحياة لم ولن يتغير.. ثابت في كتاب الله.. في قصص الأنبياء وجميع القادة المؤثرين في العصور القديمة والحديثة.. كل الثورات التي تراها وراءها قادة.. أكثر ما يميزهم أنهم لم يفرضوا أنفسهم.. لقد جاء بهم الهدف العام المشترك للشعوب.. راحوا يقدمون رأيهم وجهدهم ويوجهون الناس لتحقيق الهدف، فكان تأثيرهم كبيراً.. إن أكثر هؤلاء الذين كانت لهم أدوار مؤثرة في قيادة ثورات الكرامة للشعوب المقهورة وقيادتها نحو هذا الهدف المشترك كانوا أشخاصاً عاديين لم نسمع عنهم من قبل ولم يكن لهم وظائف معروفة ومؤثرة في الدولة. وهؤلاء يا أبا يزيد يمكن أن نعتبرهم قادة مرحلة.. إن من يقودون الدولة لم يظهروا بعد لأن اختيارهم خلال الثورة لا يضمن نجاحها بل ربما يقوض جهودها ويجعل هؤلاء القادة هدفاً للتصفية.. نعم.. كل الثورات التي نراها حولنا لها قادة في كل مراحلها.. أكثر ما ساعدهم على تحقيق أهدافها قناعة المشاركين فيها بأهدافها ونزاهة المنادين لها!.. هذا ما حقق ذلك التناغم والترابط بين كل فئاتها.. ولكن النجاح في النهاية لإقامة نظام جديد واختيار قائد جديد تبدو أكثر صعوبة ولا بد أن تشهد كثيراً من التنازلات حتى لا تضيع كل تلك التضحيات الكبيرة وتعود الأحوال أسوأ مما مضى وتتحسر الشعوب على الأيام الخوالي.