|


د. محمد باجنيد
من يستحق البدل؟
2011-11-18
هل أنت نادر؟.. عفواً فأنا لا أسأل عن اسمك.. إنني أتساءل عن العمل الذي تقدمه والذي يرتبط بالتخصص الذي تحمله.. نعم يا صديقي الموظف.. يا من تحمل درجة علمية في تخصص نادر.. هناك بدل مالي يكافئ هذه الميزة التي تنفرد بها عن حملة تخصصات أخرى تتكاثر أعدادهم يوماً بعد يوم.
شيء مفرح أن يقدر أصحاب التخصصات النادرة ويعطوا من الامتيازات مقابل ذلك الطلب المتعاظم عليهم.. إذاً.. هي (قاعدة العرض والطلب) ترتفع بقيمة هؤلاء عن نظرائهم من حملة الدرجات العلمية في المجالات الأخرى.. من (الندرة) جاء قانون العرض والطلب.. علم الاقتصاد يقوم على هذين المحورين، ولكن تبقى الإشكالية في التطبيق.. في مجال العمل وخاصة الحكومي منه ما تزال المعايير التي تقاس عليها الندرة (شكلية) ولن أقول (كمية) على اعتبار أن الكم هو المعيار الأول للتفضيل، ولكن من العدل أن نتساءل بعد عن القيمة النوعية التي يقدمها المصطفى أو المجتبى الممنوح وسام الندرة ومكافأته المالية!
إنني ـ ويكل بساطة ـ أتساءل عن أثر التخصص النادر في العمل.. ولأن مبدأ التخصص والذي يجب أن يوزع العمل على أساسه بات هو الآخر إشكالية فلن يكون غريباً أن تجد كثيرين يؤدون أعمالاً تبتعد عن تخصصهم العام ولا تسأل ـ يا صاحبي ـ عن بعدها عن تخصصهم الدقيق.
أنا لست ضد منح بدل الندرة ولكنني أتساءل هل الحكمة بالعدد أم بالأثر؟.. وعلى من منح هؤلاء وحرم أولئك أن يجيبوا على تساؤلي بالمنطق.. وقبل أن يجيبوا عليهم أن يخبرونا إن كانت نتيجة البحث عن إجابة منطقية سيتبعها تغيير منطقي في قرار المنح والمنع أم أن الأمور ستسير على طريقة الأنظمة المقدسة التي لا تقبل التغيير؟
ومن أشكال البدلات التي باتت تصرف على حسب (المزاج) ـ ولا أحد يسأل فيها عن (المعيار) ـ بدل الحاسب الآلي!.. إن هذا البدل ـ يا سادة ـ يزيد من حيرتي؛ لأن المتخصصين فيه تتزايد أعدادهم يوماً بعد يوم حتى وصل الأمر إلى عدم وجود وظائف كافية لاستيعابهم، ومع ذلك بات هذا البدل يعطى في بعض الجهات الإدارية والتعليمية لكل من يضرب على لوحة المفاتيح ولو حتى بـ (أصبع واحد).. فيما يحرم آخرون متخصصون في تطبيقاته، وتمثل أساساً تقوم عليه أعمالهم في التدريب والاستشارات.. ولا تكاد عيونهم ترتاح من النظر إلى الشاشة.. أو ليس هؤلاء أكثر من يستحقونه لاعتبارات القيمة الممنوحة للعمل ولاعتبارات الضرر.
أما في التعليم ـ هذا الأساس الذي تقوم عليه التنمية ولا بد أن يكون (متيناً) ـ فإنني أتساءل: هل يعقل أن كل من يحملون درجة الدكتوراة في التعليم ليسوا نادرين وترتيبنا في تقرير التنافسية العالمية الأخير ـ في مجال التعليم ـ الثالث والخمسين بعد المئة؟..
أجزم بأن الحاجة إلى متخصصين في مجال التعليم والتدريب ـ من حملة الدرجات العليا ـ تتعاظم، ليس فقط لسد الفجوة الواضحة في التعليم العالي بل ليزاولوا التدريس في التعليم العام كما هو الحال في الدول المتقدمة التي تهتم كثيراً بأن يتواجد هؤلاء بشكل كبير في المدارس وخاصة في المراحل التعليمية المبكرة.. وهذا الأمر (رواية) طويلة ربما عدت لتقديم قراءات لفصولها.