|


د. محمد باجنيد
سوق حلاقين
2011-12-23
لا أعتقد أن هناك مشروعاً تجارياً صغيراً ينتشر اليوم بهذا القدر من الكثافة كصالونات الحلاقة.
هذا الكلام لا أقوله جزافاً، بل يشهد به شارع لا يزيد طوله عن ثلاثمائة متر في الحي الذي كنت أسكنه في مدينة الدمام.
الشارع ـ يا سادة يا كرام ـ يوجد به الآن ما لا يقل عن ثمانية صالونات حلاقة، وهي ـ بلا حسد ـ لا تكاد تخلو من الزبائن.
إذاً.. السوق اليوم (سوق حلاقين).. في استثناء صارخ لما يشهده السوق إجمالاً من منافسة قوية تؤكد أن السوق (سوق مشترين).. إنهم ـ والحديث بالطبع ما يزال عن الحلاقين ـ يعملون طوال الموسم، ولم يعودوا ينتظرون الأعياد ـ كما كان حاصلاً من قبل ـ فأيامهم كلها أعياد.. ولا أرى من أسباب لهذا الرواج أقوى تأثيراً من انتشار تلك التشكيلة من القصات الغريبة التي تعتمد على حلاقة أو تخفيف جوانب معينة من شعر الرأس وترك جوانب أخرى، وهو ما يسمى بـ (القزع).. نعم.. إن انتشار هذه القصات الغريبة قد أحدث هذا الرواج الصارخ لهذه الخدمة العتيقة التي لم يكن لها سوق في زمن (التوليتة) و(الزيرو).. يوم كان الصبيان والشبان لا يذهبون إلى الحلاقين إلا بأمر المدرسة لنراهم اليوم يزورونهم باستمرار للإبقاء على ملامح تلك القصات العجيبة.
الجميل أن القزع قد منع في الملاعب نظراً لكراهيته أصلاً وحرمته فرعاً إن قصد به (تقليد غير المسلمين).. هذا القرار هو رسالة واضحة لحرص المسؤولين في رعاية الشباب على حماية الشباب من كل ما ينافي الشرع المطهر. ولكن الغريب أن هذا (المسخ) ما زال يرسمه الحلاقون على رؤوس كثير من الأطفال والقصر، بمباركة من أولياء أمورهم، أو استجابة لرغبة أولئك الشبان المهوسين بتقليد كل ما هو جديد حتى وإن بدا غريباً.. سخيفاً.. خارجاً.. مخلاً بالذوق.. أما العجيب فهو ممارسة الحلاقين لهذا المنكر (أمام الله وخلقه).
إنني أتساءل وبصوت عال: كيف نجني فوائد هذا الأمر الحازم للمسؤولين في رعاية الشباب في هذا الشأن وفي كل شؤون الشباب بما يجعلهم خير ممثلين لهذا البلد الطاهر.. بلد الحرمين؟.. كيف يمكن أن نجني أثر هذه الخطوات المخلصة ونحن نرى هذا التراخي المؤلم في الشارع العام.. أين الجهات المسؤولة عن (جرائم) الحلاقين التي تمارس يومياً باسم (التزيين)؟