|


صالح الصالح
(الخيانة الفاضلة)
2013-03-19

من أجمل العبارات التي سمعتها في فن الإدارة كانت للرئيس الكوبي الشهير فيدل كاسترو، إذ قال في إحدى المناسبات العامة: “خيانة لضميري أن أمارس مسؤولية تتطلب حركة والتزاماً تاماً لم أعد أستطيع القيام بهما”. بعيداً عن المنهج السياسي لهذا الرجل والذي لا يقرّه كثير إلا أن هذه العبارة وجدت لها في نفسي مكاناً على اعتبار أنها تؤسس لمنهج إداري متفرد يغلب المصلحة العامة على نظيرتها الخاصة، ويستحق أن تكون ممارسته تلك خيانة فاضلة ومحمودة. في المشهد الرياضي المحلي ما أن يقترب الموسم الرياضي من نهايته حتى تبدأ جملة من الأخبار التي تشير إلى رغبة رئيس ناد في الاستقالة، وإلى تفكير آخر في عدم الاستمرار، وإلى نية ثالث في إيجاد بديل يخلفه، المهم غياب الوضوح في آلية بقاء رؤساء الأندية في مناصبهم من عدمها في ظل أن وصولهم إلى كراسي الرئاسة لم يكن بناء على انتخابات جماهيرية بل كان نتيجة تزكية مجموعة محددة وقليلة جداً بات مصير النادي في يديها لتضع من تشاء، وتبعد من لا تريده. الأربع سنوات التي من المفترض أن ينهيها كل رئيس ناد منتخب لا وجود لها في أنديتنا، والاستمرار لأربع أخرى كذلك أمر لا يحدده الجمهور بل ربما هي مزاجية رئيس ورغبته في البقاء، وعدم الإكتفاء من نصيبه في الأضواء و”الفلاشات”، وليس تغليباً للمصلحة العامة التي رددها كاسترو والتي تستوجب إلتزاماً وحركة، وهي ثقافة لا يعرفها رؤساء الأندية المحلية. كل ما سبق على الرغم من خطورته يبدو أقل خطورة من قرار ارتجالي من أي رئيس بعدم الاستمرار، وترك ناديه ضحية لجملة من القرارات والعقود والشراكات التي كان جل تركيزها على خدمة فترته فقط، وبالتالي رحيله سيدخل النادي في دوامة من الديون والالتزامات المالية التي يصعب على خلفه حلها بل سيمنع تفكير أي شخص أن يحل محله في ظل وجود ديون مالية ثقيلة. أجمل ما في النظام أنه يؤسس لثقافة العدل حتى المتضررين منه يتقبلونه ـ ولو على مضض ـ لأنه في النهاية نظام يسري على الجميع بلا تمييز، ولذلك بات الوقت مناسباً جداً لتحسم الرئاسة العامة لرعاية الشباب هذا الملف الخطير، وذلك بإقرار نظام يقضي بدفع كل رئيس ناد مبلغ 20 مليون ريال عبارة عن ضمان بنكي إضافة إلى توقيع التزام بتسليم النادي في نهاية فترته أو رغبته بعدم الاستمرار بلا ديون خصوصاً الأندية التي تملك عقود رعاية، إذ إن هذه الخطوة من شأنها أن تكبح جماح تهور رؤساء الأندية في توقيع عقود مرتفعة مع اللاعبين المحليين والأجانب والأجهزة التدريبية، كما سيتم استقطاع كافة الالتزامات التي على الرئيس دفعها قبل رحيله من الضمان المالي. وبالنسبة للأندية التي لا تملك عقود رعاية يكون مبلغ الضمان البنكي في حدود الخمسة ملايين، والهدف واحد في كلتا الحالتين. الأندية للأسف باتت ضحية رئيس ومجموعة محددة هي من أجلسته على كرسي النادي، وما أن يرحل حتى يدخل النادي في نفق مظلم، ويرفع شعار “أنا ومن بعدي الطوفان”، ولذلك يغرق النادي أكثر.