|


صالح الصالح
دوري (الضوضاء)
2013-03-17

يبدو أن قدر كرة القدم السعودية أن تعيش على صفيح ساخن، محكوم عليها ألا تنعم بالهدوء أبداً، ويبدو أن هناك من يفرض عليها أن تتغذى على المشكلات داخل الملعب وخارجه. تأملوا المشهد الرياضي المحلي الذي بات يحيا على التفاصيل الصغيرة، لامجال فيه إلا لأصحاب الأصوات المرتفعة، العقلاء فيه أشبه بكائنات طفيلية مهم إبعادها، والتخلص منها. تحدثنا كثيراً على أننا في مركب واحد، وبات لزاماً علينا إنقاذ هذا المركب من الغرق، والوقوف بحزم تجاه أية محاولة لخرقه، لكن للأسف أعتقد أننا مبتلون بمن يبحث عن بطولات خاصة على حساب هموم العامة، وبالتالي توقفنا في حين سبقنا الآخرون أو من كانوا يتأخرون عنا. مشكلة الوسط الرياضي أنه تحول إلى قِبلة لهواة الفلاشات، والطامعين بالحضور الإعلامي المكثف، وأصبحت الرياضة هدفاً لكل من يفشل في إيجاد مكان له في مجال آخر. الغريب أن بعض من يتواجد في الوسط الرياضي حالياً كل مؤهلاتهم الميول أحياناً، والعلاقات الشخصية، وكذلك الجاه الاجتماعي، وقليل منهم جداً كانت الكفاءة هي المعيار الأول في أسباب تواجده في الرياضة. الحقيقة التي من المهم معرفتها حالياً أن أوراق التوت سقطت عن الكثير ممن يتاجرون بطموحات الجماهير وأحلامهم، ونتائجهم وتعاطيهم مع الإعلام كشف سوءة فكرهم، وباتوا عبارة عن أوراق محروقة لم يعد لديها ما تقدمه. فتشوا في الأسماء التي تحيط بكم، لتجدوهم “هوامير” في سوق الشعارات الزائفة، بضاعتهم كاسدة، وفكرهم مكشوف، وتواجدهم لم يكن نتيجة صناديق الانتخابات أو كان تحقيقاً لرغبة الجماهير، بل ثمرة آلية “حب الخشوم” الذي صدّرهم للمشهد الرياضي. الغريب أن الإعلام بات شريكاً في إثم تقديم هذه الأسماء، التقديم الذي لايخلو من تلميع أحياناً، وتطبيل في أحيان أخرى، والضحية جمهور رياضي عريض مغلوب على أمره. “دوري الأضواء” الذي كان أقوى دوري عربي تحول إلى “دوري الضوضاء”، وأصبح قدر أغلب الفرق التي تشارك فيه أنها لا تتفرغ لكرة القدم فقط بل عليها مواجهة عدة جبهات، مع اللجان المختلفة في اتحاد الكرة، ومع إدارات الأندية الأخرى، ومع وسائل الإعلام المتعددة، والمحصلة الابتعاد عن الهدف المنشود، والتفرغ لصراعات جانبية تلهي عن العمل، والنتيجة صفر مكعب بطولياً. مشكلة رياضتنا الكبرى -ومنها كرة القدم بالتأكيد- أنها بلا مشروع حقيقي وواقعي واضح الملامح، معلنة أسماء الشركاء فيه، محدد زمنياً، ما يحدث فعلياً أن الكل يردد: “فريقي ومن بعدي الطوفان”. إجمالاً هي رؤية يراها البعض مثالية، وآخرون يرونها إغراقاً في السلبية لكن الأكيد أنها ربما تشرّح واقع رياضتنا المتراجع بقوة بدليل النتائج في الألعاب كافة، وفي مقدمتها كرة القدم.