|


صالح الصالح
قارئ فاخر جداً
2013-03-05

قناعتي راسخة دائمة أن من القراء من يملك من الوعي واللغة ما يتفوق بهما على بعض الكُتاب، خصوصاً أن المرحلة حالياً باتت مختلفة تماماً عن سابقتها، إذ إن مستوى الوعي لدى القراء في ارتفاع، والذائقة باتت لا تقبل حروفاً عابرة، أو أفكاراً بها من السطحية الكثير. الأحرف أدناه كانت من قارئ اختار تذييل رسالته بعبدالرحمن من السعودية، أنشرها كما جاءت، وبما حوت من رقي فائض، وإنصاف مقدر، وعتب جميل، ومكاشفة مهمة، ونصح صادق، وأتوقف أمام الأخير كثيراً لأنه ما يعنيني، وهو ما شعرت به يقفز مع كل سطر في رسالته، ولذلك أحببت أن تحتل رسالته هذه المساحة بنفس راضية مطمئنة، بما فيها لي، وكذلك عليّ، نصها: “لست أدري إن كان الوقت أو الكم من الرسائل التي أتوقع أنها ملأت بريدك الوارد يتيحان لرسالتي في الظهور أمام عينيك، المهم دعني أخمن أنك تقرأ رسالتي الآن، أنا لا أعرفك شخصياً .. بل لا أعرف عنك أي خلفية .. هل أنت لاعب سابق، ـ أشك في هذا..لأن لغتك وقلمك بل ولسانك عذب سيّال ـ وهذا ما يتناقض مع كونك افتراضاً ـ كنت لاعباً. ذلك لأن جل من ركل الكرة قد ركل قبلها الثقافة، والمطالعة، وحسن الحديث، وسُكّر القول، وإسالة الحبر بكلام جيد. مصادفة طالعتك في برنامج رياضي في القناة الرياضية السعودية بمجرد ما دلف صوتك سمعي، وعقل عقلي قولك، أحسست بأنك تنتمي لي فكرةً وعقلاً.. مررت سريعاً على عدد من مقالاتك الصحفية، زاد هذا اعتقادي يقيناً بأنك أنا. بزيارة لإحدى مقالاتك في موقع MBC (عربي أنا) هالني الكم الهائل من الردود بشقيها ـ السيئ أو الجيد ـ وإن كان الأول يطغى بشكل ملحوظ.. لكن هذا لا يعني أن المقال سيء بل يعني ـ لي على الأقل ـ أن المقال جيد جداً هكذا يمكنني القول لأنني من خلال خبرتي البسيطة على النت ألاحظ بشكل ملحوظ أن المقال الجريء يصطدم بعقبة العقول المتسخة أو الممسوخة، جل همهما أن تغرق الردود بكلام سخيف ينبئك عن خفة عقل وضحالة تفكير وسخف ممقوت، أمر قبل قراءة المقال ـ أي مقال ـ على الردود لأرى كمها وكيفها، لأقرر بعدها قبل أن أقرأ المقال عن قيمته الفكرية. أشد على يدك، وأدعمك، وأتمنى لك التوفيق لتنوير العقول الرياضية التي عاث فيها الوسخ والدرن والخفة والحماقة والكبرياء العقيمة والهمجية الرديئة والتعصب المقيت الأعمى. بودي فقط أن أسدي لك من نفسي قولاً ميسوراً لعله يلج إليك برحابة صدر وحسن قبول ـ كما أعتقد وأقر أنه سيكون كذلك ـ أقول: كن على رسلك ليّن القول، أنت وسط عالم رياضي حاست فيه الغبراء وداست، وأُقرت فيه قوانين التبعية والظلام، قانونه: إن لم تكن معي 100% فأنت ضدي 100% ..إن اختلفت معك في ميول فأنت عدوي الأول والأخير، إن جئت بما لم يعهدوه فأنت خطر بالغ يجب أن يجتث. ناهيك عن السوقية والتفكير السطحي، والنميمة المتجذرة، والتحالفات القذرة التي تعقد لمصلحة المفسدة، وإقصاء الآخرين. أعرف أنك تعرف كيف تكون، إنما هي نصيحة أرجوها لينة. لم هذا الكلام؟.. لأنني أجد في مقالاتك شيئاً من القسوة والكلام القوي بما لا يخدم قضيتك أو فكرتك واعتقادك، بقدر ما هو يزيد من إشعال نار الكراهية، والتباغض والتنافر والتباعد، ويهيج الأقلام لتنثر حبراً قاتماً ملئه السخف والتمادي حتى على الشخصية. بنو عمي من العرب لم يعوا حتى الآن الرأي والرأي الآخر، الفكرة ونقيضها، وحتماً لم يعوا كيف تكون المحاورة والأخذ والرد، ببساطة إن لم يعجبه مضمون الكلام فسيرد على شخص الكاتب لا على الكلام أو الفكرة. أتمنى ملء قلبي أن تكون الآن قد قرأت الرسالة، وسيكون بريدي مزداناً برؤية رد منك والسلام”. انتهى كلامه (حفظه الله)، وليعذرني على نشرها كما هي، لأنها برأيي تكشف لنا كيف ينظر الآخرون مشهدنا الرياضي بكافة متناقضاته، كما أن هذه الرسالة عبارة عن نموذج وعي، ومن حق القراء الإطلاع عليه، والاقتداء به.