|


صالح الصالح
الغزو الرياضي
2013-02-05

 



يقول الدكتور الراحل غازي القصيبي – رحمه الله: “لا تخافوا عليهم الغزو الثقافي، فالثقافة لاتغزو إلا ثقافة”.


في المشهد الرياضي المحلي باتت المقارنة بنظيرتها الأوروبية وخصوصاً المتقدمة كروياً فيها نوع من التعجيز، في ظل وجود فجوة كبيرة بين ما لديهم وما لدينا.


لذا باتت المقارنة ببعض الدول المجاورة ذات التجارب الناجحة أفضل لوجود قواسم مشتركة، لن أقول دول الخليج لوجود حساسية في هذا الجانب أو لأنها تجارب لازالت في طور التكوين، ومن الجيد عدم وصفها بالناجحة بشكل مطلق حتى تستكمل عناصر النجاح كاملة.


تركيا تملك الريادة سياسياً واقتصادياً، وفي مجالات مختلفة بما فيها الرياضة، ولعل تجربة الرعايات الجزئية إحدى أهم السياسات التي أثمرت في الرياضة التركية، بحيث بالإمكان لأية شركة توقيع اتفاقية مع أحد الأندية الرياضية لرعاية لعبة معينة خلاف كرة القدم بالتحديد، على أن تحمل اسمها، ولعل من أنجح التجارب هي لنادي فنار بخشة الذي وقع اتفاقية مع شركة “أفيس” التي استحوذت على فريق كرة السلة، بحيث أصبح اسم الفريق “فنار بخشة أفيس” لكرة السلة، وهي تجربة أثمرت كثيراً قبل أن تستقل شركة “أفيس” بهذا الفريق، وتحوّل إلى ناد لكرة السلة فقط، واستطاع تحقيق لقب بطولة الدوري التركي 12 مرة والكأس 6 مرات، ونافس على تحقيق دوري أبطال أوروبا لكرة السلة عدة مرات، هذا النادي نموذج مميز لمعنى التخصص والإبداع فيه، هذه التجربة منتشرة في تركيا بحيث أصبح يوجد فريق لكرة السلة برعاية شركة معينة، وفريق لكرة الطائرة بشركة أخرى، وألعاب أخرى بحيث يبقى اسم النادي هو الثابت ومجموعة شركات مختلفة لكل لعبة.


هذا التفرد في تركيا يحتاج للمحاكاة، وهو الأمر الذي عجزت الكثير من الأندية محلياً خصوصاً الكبرى على التميز فيه، وفي المقابل هناك تجارب حققت نجاحات جيدة في هذا الشأن مثل لعبة الجودو في سدوس، والسلة في المسيرة، والمبارزة في الدرع، وغيرها لا يحضرني إيرادها هنا.


والغريب على الرغم من وجود عقود رعاية لبعض الأندية لكنها لم تستثمر بشكل جيد، خصوصاً في هذا الجانب، حيث لا يوجد ما يمنع أن يكون هناك فريق النصر stc لكرة الطائرة، وفريق الهلال موبايلي لكرة السلة، وفريق مضر زين لكرة اليد، وقس على ذلك بقية الأندية والشركات.


أخيراً أعتقد أن الوقت بات مناسباً لإعادة النظر في توجهات الكثير من الاتحادات والأندية تجاه الألعاب المختلفة التي تحتضر، بحيث يكون هناك مشروع رياضي رسمي وشعبي لتحويل المدارس إلى مراكز رياضية تنتج نجوماً، وبالتالي تحويلهم إلى الأندية التي أثق أن الحياة ستعود إليها متى ما استنسخنا التجربة أعلاه، وطبقناها بطريقة مختلفة تلبي الرغبات وتحقق الأهداف، ولكن حتى الآن لم يتحرك أحد، ويبدو أنه لايوجد أحد.