|


صالح الصالح
برشلونة..رؤية حققت المستحيل
2013-02-03

قلة من رؤساء الأندية من يستطيع المحافظة على الصورة الزاهية لناديه في وقت تحولت فيه كرة القدم إلى تناحر وصراعات وفساد ورشاوى. هذا الرأي لا يختص بالمشهد المحلي بل العالمي بأكمله، لكن يبقى برشلونة الإسباني بشعاره التاريخي “أكثر من ناد” يمثل واقعاً حقيقياً من المستحيل التشكيك فيه أو تغييبه. رئيس النادي ساندرو روسيل قدم دروساً إدارية يصعب محاكاتها خصوصاً لمن لا يستند إلى تاريخ وإلى جمهور ينسجم مع هذه الصورة، فعلى هامش مؤتمر دبي الدولي للاحتراف الذي أقيم مؤخراً، قال روسيل في حديث صحفي في موقع “جول”: “إن نجاح النادي في الفترة الأخيرة كان بسبب استراتيجية قيّم، قامت على أولوية اللعب النظيف والروح الرياضية قبل الفوز بالبطولات والألقاب، وأن إحراز ثلاث بطولات للدوري وبطولتين في دوري الابطال خلال السنوات الأربع الماضية كان نتاجاً للالتزام بالقيم الأخلاقية وليس أية فلسفة أخرى لامعنى لها”. ويضيف خليفة لابورتا: “كرة القدم ليست أولويتنا، وتركيزنا يتجاوز الخطط والفنيات، ولاعبونا يعتبرون أنفسهم قدوة لأطفال العالم، ولو لم يلتزموا بشكل كاف بهذه القيم فلن يكون لهم مكان بيننا، ونريد لكل لاعب من الفريق أن يكون فرداً صالحاً وإنساناً محترماً”. هذه الرؤية التي يمتلكها رؤساء برشلونة المتعاقبون هي التي أبقت صورة النادي “الكتالوني” زاهية بل مثالية حتى بات مضرب مثل لجميع أندية العالم، لذلك يحقق برشلونة بطولات القدم والسلة واليد والهوكي والصالات على المستوى المحلي والقاري بنهم كبير قل أن تجده في نظرائه، وهو ما انعكس إيجاباً على الرياضة الإسبانية التي تفوقت أخيراً على مستوى العالم في القدم واليد، والقادم مذهل أكثر. على المستوى المحلي لا زلت أطمع بأن أشاهد رئيس ناد صاحب رؤية تنطلق من قيّم، ويتم التركيز فيها على أن الرياضة مجرد وسيلة لإيصال هذه القيم السامية، وتحويل نجوم الفرق الرياضية في النادي إلى نماذج صالحة يُقتدى بها لكن ذلك للأسف لم يحدث. لنتفق جميعاً على أن من المهم أن نقف بحزم أمام التدخل في خصوصيات اللاعبين، ومشكلاتهم الشخصية بعيداً على ملاعب كرة القدم، وبعيداً عن ميولهم، لكن البعض خصوصاً من صغار السن أو ممن يتم تصنيفهم “سنة أولى نجومية” لا يتعامل مع هذا التغييّر الكبير في حياته بشكل مسؤول بل يقفز مباشرة إلى سلوكيات وممارسات سلبية تنعكس على مستواه وعلى تقدير زملائه والجهازين الإداري والفني وأخيراً الجماهير، وهم الأخطر في هذه المنظومة. لن أتعرض لحوادث بات الجمهور الرياضي يعرف أدق تفاصيلها لكن من المهم أن يتعامل اللاعب مع نجوميته بوعي أكبر، منطلقاً من شعار: “الوعي ممارسة”، على أن يكون هناك دعم إداري، وتعزيز لصورة إيجابية مهم أن يكون عليها جميع اللاعبين حتى يتم تحويلها إلى نظام لا يتم تجاوزه من الجميع، وبذلك سيتعامل النجوم مع هذا النظام على أنه مصدر رزق مادي ومعنوي ومن الغباء التفريط فيه لأجل توجهات مجموعة الأصدقاء الصغيرة التي باتت تضر ولا تنفع، أو التوغل في الاهتمام بشكليات وقشور لا تسهم في الإرتقاء بالمستوى. إجمالاً نحن بحاجة إلى من يضع الرؤية مقرونة بنظام داخل كل ناد على أن يكون هو أول من يلتزم بها، وحينها ستكون رياضتنا بخير لأنها منذ سنوات وللأسف لم تعد بخير