|


صالح الصالح
أوقفوا المُتنفذين المُتنفعين
2013-01-29

أن تحيا حراً مستقلاً نظيف اللسان واليد في هذا الوقت يعني أن تواجه جيشاً من المغريات، وطوفان من التحديات، وربما تستمر حتى النهاية أو تسقط في منتصف الطريق. ظهر الفساد في البر والبحر، ورياضتنا بلا شك لن تكون في عزلة عن هذا الفساد الذي حدث في أروقة الاتحاد الدولي لكرة القدم، وفي أروقة اتحادات عريقة، وعلى رأسها الاتحاد الإيطالي الكروي الذي يعرف أن العدل يبدأ بمعاقبة الكبير قبل الصغير، وهو ما حدث مع يوفنتوس من دون النظر إلى عراقته وتاريخه، ومدرجه الكبير، وإعلامه القوي، وكذلك مع ميلان الذي يرأسه رئيس الوزراء الإيطالي برلسكوني. أما نحن فتفصلنا 6 أيام عن إعلان نتائج تحقيق الرئاسة العامة لرعاية الشباب مع اتحاد البلياردو والسنوكر، بعد اتهامات أحد نجومه الدوليين بوجود فساد كبير يبدأ من رأس هرم اللعبة، وهو التحقيق الذي يحتاج 10 أيام لإظهار التحقيق حسب ما أعلنه الأمير نواف بن فيصل. سأفترض جدلاً أنه تم حل هذا الاتحاد، وإبعاد جميع منسوبيه، وعدم السماح لهم بالعمل في الوسط الرياضي مستقبلاً، لكن ماذا عن بقية الاتحادات التي اعتادت جملة من هذه الممارسات الخاطئة على مدى سنوات من دون رادع أو ضمير أو خوف من الله قبل ذلك كله. الحقيقة المرة أن أغلب الاتحادات الرياضية فيها من الممارسات السيئة والخطيرة ما يشابه اتحاد البلياردو والسنوكر، الفرق أن نايف الجعويني علّق الجرس، وكشف المستور، وأزاح الستار، واختار الإعلام ليقول: ها أنا ذا من دون خوف أو مواربة، وهذه هي الحقيقة لمن أرادها، فيما التزم منسوبو الاتحادات الأخرى سياسة "لا أسمع، لا أرى، لا أتلكم"، خوفاً من مسؤول، أو طمعاً في عدم خسارة امتيازات معينة، أو تجاهلاً لمصلحة عليا تواكلنا في تحقيقها والحرص عليها. رياضتنا تحتضر وهذه الحقيقة التي أغفلها مسيرو الرياضة لدينا، تركوها تمرض أكثر وأكثر، أغفلوا أعينهم عن ممارسات المتنفذين المتنفّعين، تجاهلوا تهافت البعض من أصحاب النفوس الدنيئة على تجميع تذاكر الإركاب، وقيمة الانتدابات بينما هم في منازلهم أو استراحاتهم ينعمون بالراحة واتحاداتهم بالفشل، والخروج المستمر من المنافسات بدون منجزات. اتحادات الألعاب المختلفة تحولت إلى ألعاب في أيدي مجموعة من غير المتخصصين، والمتنفّعين، لذا لم يعد غريباً أن يكون عضو اتحاد رفع الأثقال لاعب كرة قدم سابق، وأن يتم اختيار لاعب كرة طائرة لعضوية اتحاد المصارعة، وفي اتحاد الجمباز لاعب كرة قدم سابق ومدرب لياقة حالي، وفتشوا في بقية الاتحادات لتروا جملة من الكوارث التي لا تحدث إلا لدينا. أعيدوا الألعاب المختلفة إلى أبنائها والمتخصصين فيها، لا يعنينا أن يرأس أي اتحاد شخصية كل مميزاتها شهادة الدكتوراه ـ على الرغم من انحيازي للأكاديميين ـ لأن التخصص في اللعبة هو الأساس المهم الذي ينطلق منه الاختيار لكن ذلك لا يحدث للأسف. تلقينا من الصدمات ما تدفع الميت إلى الاستفاقة لكننا مصرين على المكابرة والابتعاد عن حقيقة مشاكلنا وتحمليها أطرافاً أخرى، لذلك سنستمر في الفشل ما لم نستيقظ، ويبدو أننا محترفون حقيقيون في التعامل مع وسادة النوم، وربما سنحقق كأس العالم في ذلك لأنه لا يحتاج إلى مجهود فقط إلى إطفاء المنبه والاستمرار، وربما هذا ما نمارسه دائماً.